للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر الألوسي (١) في تفسيره: أجمع المفسرون بأن الفترة هي انقطاع ما بين رسولين (٢).

وقيل الفترة ما بين إسماعيل ومحمد عليهما السلام، وقد اختار الشربيني في حاشية جمع الجوامع أن أهل الفترة هم العرب من انقطاع رسالة سيدنا إسماعيل إلى زمن نبينا محمَّد (٣).

وهذا القول فيه تخصيص أهل الفترة بالعرب، وهذا التخصيص ليس له دليل يستند إليه، والحق أن أهل الفترة من كانوا بين رسولين لم يُرسَل إليهم الأول ولم يدرِكوا الثاني (٤)، وإنما هناك فترات. كالفترة التي حصلت بين نوح وإدريس (٥)، والفترة التي حصلت بين عيسى ومحمد كما سبق عن ابن كثير والألوسي وغيرهما من العلماء، لذا نرى قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ} [المائدة: ١٩] نراه يؤيد ما ذهبنا إليه من أن الفترة عامة، ولم تخصص بقوم من الأقوام ولا بزمن من الأزمان، فهذه الآية التي ذكرناها تخاطب أهل الكتاب واليهود خاصة, لأنها نزلت في المدينة، وحيث لا يوجد في المدينة من أصحاب الكتب السابقة إلا اليهود، ولو نظرنا إلى سبب نزول هذه الآية لعرفنا أن النبي محمدًا - صلى الله عليه وسلم - لم يرسَل إلى أهل الفترة من العرب فقط بل أرسل إلى العرب وغيرهم من أهل الكتاب وكل من لم تبلغه الدعوة.


(١) الألوسي: هو أبو الثناء شهاب الدين محمود بن عبد الله الألوسي، ولد بالكرخ سنة ١٢١٧ هـ. حفظ القرآن صغيرًا وكان محبًا للعلم، شغل منصب مفتي الحنفية ببغداد، كانت حياته مضطربة من حسد وسجن وفقر، له كثير من الآثار العلمية منها المطبوع والمخطوط/ انظر (الألوسي مفسرًا ص ٦٦) الدكتور محسن عبد الحميد.
(٢) روح المعاني ج ٦ ص ١٠٣ الألوسي.
(٣) جمع الجوامع ١/ ٦٣ - السبكي.
(٤) المصدر السابق ١/ ٦٣ - السبكي.
(٥) تفسير القرآن العظيم المسمى بالسراج المنير ٢/ ٢٨٩.

<<  <   >  >>