للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عمران وعيسى ابن مريم ألف سنةٍ وستعمائة سنة ولم تكن بينهما فترة، وأنه أُرسل بينهما ألفا نبي من بني إسرائيل سوى من أُرسل من غيرهم، وكان بين ميلاد عيسى وميلاد محمَّد عليهما السلام خمسمائة وتسع وستون سنة، فبعث في أولها ثلاثة أنبياء، وما ورد بشأن خالد بن سنان "ذلك نبي ضيّعه قومه" وقال: "بنت نبي ضيّعه قومه" (١).

وهذا القول -أي الرابع- يناقض الحديث الصحيح الذي ورد في البخاري (٢) من أنه ليس هناك نبوة بين عيسى ومحمد عليهما السلام فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أنا أولى الناس بابن مريم، والأنبياء أولاد علات، ليس بيني وبينه نبي" (٣) وهذا الحديث فيه دلالة واضحة على أنه لم يبعث بين عيسى ومحمد عليهما السلام نبي. لا من بني إسرائيل ولا من العرب، كما ورد في طبقات ابن سعد.

والحديث الذي أورده ابن سعد ليس صحيحًا، ففي سنده محمَّد بن السائب وهو كذاب، أما ما ورد بشأن خالد بن سنان، فهي أحاديث ضعيفة وهي معارضة لما في الصحيح من حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري.

وذكر ابن كثير أن هذه مرسلات لا يحتجّ بها هاهنا، وقال الهيثمي (٤): وهذا الحديث معارض لما في الصحيح "أنا أولى الناس


(١) انظر (الأحاديث الضعيفة للألباني ٢٩٧ - ٢٩٨).
(٢) البخاري: هو أبو عبد الله محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم، ولد سنة ١٩٤، نشأ يتيمًا، وله من المصنفات: الجامع الصحيح، والتاريخ, توفي رحمه الله سنة ٢٥٦ انظر (التذكرة ٢/ ٥٥٥).
(٣) رواه البخاري/ انظر فتح الباري ج ٦ ص ٤٧٧ - كتاب الأنبياء باب "فضائل عيسى".
(٤) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ٨/ ٢١٤ الهيثمي: هو علي بن أبي بكر، نور الدين، أبو الحسن، ولد سنة ٧٣٥ هـ، وكان شديد الإنكار على المنكر، محبًا للغرباء وأهل الدين والعلم، وله مصنفات عديدة منها: "مجمع الزوائد"، (ذيل تذكرة الحفاظ ص ٤٢٩).

<<  <   >  >>