للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في ذلك ما ذكرناه عن ابن عباس. فإن قال قائل: لو كان ذلك ما تذهب إليه لقال: "ثم عرضهن أو عرضها" فلما قال: "عرضهم" علم أن ذلك لأعيان بني آدم أو الملائكة؛ لأن موضوع الكناية في كلام العرب يقال لما يعقل "عرضهم" ولما لا يعقل "عرضها أو عرضهن" قيل له: إنما مثال ذلك والله أعلم؛ لأنه جمع ما يعقل وما لا يعقل فطلب ما يعقل، وهي سنة من سنن -العرب، أعني "باب التغليب". وذلك كقوله جل ثناؤه: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} ١ فقال: "منهم" تغليبًا لمن يمشي على رجلين وهم بنو آدم.

فإن قال: أفتقولون في قولنا سيف وحسام وعضب إلى غير ذلك من قوله توقيف حتى لا يكون شيء منه مصطلحًا عليه؟ قيل له كذلك تقول: وعلى صحة ما نذهب إليه إجماع العلماء على الاحتجاج بلغة القوم فيما يختلفون فيه أو يتفقون عليه، ثم احتجاجهم بأشعارهم، ولو كانت اللغة مواضعة واصطلاحًا لم يكن أولئك في الاحتجاج بهم أولى منافي الاحتجاج لو اصطلحنا على لغة اليوم ولا فرق.


١ من الآية رقم ٤٥ من سورة النور.

<<  <   >  >>