إن حوار الأديان والحضارات، هو الجسر الذي يمكن أن تتخطّى به الإنسانية آلامها، والبلسم الذي يتسنَّى لها به أن تداوي جراحها، بروحٍ من التسامح والاعتدال والوسطية، وبعيدًا عن أشكال التعصب الأعمى المقيت، من أجل حياة إنسانية أكثر مساواة وعدالة وسلامًا وأمنًا.
وختامًا، لا يسعنا كعلماء وخبراء ومختصين، في إطار هذا المجمع العلمي الإسلامي المهيب، إلّا أن ندعم كل الجهود الخيرة، ونبارك كل العزائم الجادة، المؤمنة إيمانًا عميقًا بقضايا الإنسان, وسعيها لتثبيت حقوقه على كل المستويات التشريعية والتطبيقية، ليظل الإنسان -كما أراده الله- كائنًا مكرمًا مفضلًا في وجوده المادي والمعنوي.
ولا يفوتني أن أثني على الجهود العلمية الجبارة لمجمعنا، في إيلائه لقضية حقوق الإنسان المسلم حيزًا كبيرًا من أعماله، بتشريك الدول الأعضاء من خلال ممثليهم، في إبداء وصياغة القرارات والإدلاء بالبحوث العلمية الدقيقة.
وأعبّر عن أملي في أن تنتهي أشغال دورتنا هذه، إلى قرارات تستجيب لحاجات شعوبنا العربية والإسلامية، في أن يكون لها ميثاقها وإعلانها، المعتبر لخصوصياتها العقدية والثقافية والحضارية، دون أن يكون ذلك انزواء عما يشهده العالم اليوم من تطورات، ودون أن يؤدي إلى انطواء على الذات، أو اصطدام بين الحضارات الإنسانية.
إن رسالة الإسلام، بتوجهها إلى الناس كافة:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}[سبأ: ٢٨]، أفرادًا وشعوبًا وأممًا، قد استجابت ولا زالت إلى نداء الفطرة الإنسانية، وإلى صوت السلام المختلج في أعماق الإنسان أينما كان؛ قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[البقرة: ٢٠٨] , وما مجموع الحقوق التي شرعها ديننا، إلّا ضرورات لا غنى للبشرية عنها؛ لأنها تمثل التكريم الإلهي للإنسان، الذي أسجد له الله ملائكته الكرام.