إن الاهتمام بالبيئة أو المحيط الذي يعيش فيه الإنسان وكل الكائنات الحية، مصدره الانتباه إلى جملة التأثيرات السلبية الناجمة عن الاستخدامات المفرطة للصناعات الكيماوية والتكنولوجية والنووية، وما تفرزه من نفاياتٍ صلبة أو غازية, من شأنها أن تلوّث البيئة, وتعكّر الحياة الطبيعية لكل الكائنات الحية في البحار والمحيطات، وفي الأجواء، وعلى سطح اليابسة, ويُرْجِعُ علماء البيئة التغيّرات المناخية واختلال بعض التوازنات الإيكولوجية، إلى فساد الهواء المستنشق, والماء المستعمل, بسبب الانبعاثات الغازية السامَّة, والإشعاعات النووية، واختلاط منابع المياه بالمواد الكيماوية الخطيرة، مما يهدد كوكبنا في توازنه بأخطار جسيمة قد تؤثر على الحياة فيه.
وقد نبهنا الإسلام إلى أن الله قد خلق الكون على أحسن صورة، وأوجد فيه أسباب الحياة الكاملة، ليكون مهيئًَا لِأَنْ يعيش فيه الإنسان ويعمّره، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, وهو خير الوارثين. قال تعالى مخبرًا عن نزول آدم إلى الأرض:{وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}[البقرة: ٣٦]. هذا، وإن واجب الاستخلاف والإعمار في الأرض كما أراده الله لآدم وذريته من بعده، يقتضي فيما يقتضي، المحافظة على وسائل الحياة فيها، وعدم السعي فيها بالإفساد؛ قال تعالى:{وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ}[البقرة: ٢٠٥]، وقال أيضًا:{وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ}[القصص: ٧٧]، وقال:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}[الروم: ٤١].
وأوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمثل ما أوصى به القرآن الكريم، بضرورة الإعمار وترك وسائل الخراب والدمار فقال: "إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة, فإن