إن مكتسبات الإنسان المعاصر في مجال الحقوق والواجبات، إنما هي ثمرة جهاد طويل, ونتاج نضال مرير للشعوب عبر تاريخها الطويل, وهي تعبير عن عصارة الثقافات والحضارات التي توالت، واستنارت بهدي الرسالات السماوية.
وفضل الإسلام على الإنسانية، باعتباره الرسالة الخاتمة الخالدة عظيم؛ فقد أنقذ البشرية من مهاوي الضلال وظلمة الأهواء، وما ارتكست فيه من عفن البغضاء والعداوات المفضية إلى الحروب والنزاعات, وإهدار القيم الإنسانية النبيلة, قال -سبحانه وتعالى:{وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا}[آل عمران: ١٠٣].
ولا يزال نضال الإنسان متواصلًا مستمرًّا، تبعًا لطموحه اللامحدود، في مزيد تثبيت حقوقه وتوسيع مداها، انتصارًا للقضايا العادلة للشعوب والأفراد، وصونًا لها من كل مخاطر الردة والانتكاس.
إن المجتمع الدولي مطالب اليوم، أكثر من أيِّ وقت مضى، لتحمّل مسئولياته الجسيمة في فض النزاعات وتحقيق السلام، ومقاومة مظاهر التمييز والعنصرية، والوقوف إلى جنب الشعوب المضطهدة لنيل حقوقها في الحرية وتقرير المصير، وفق ما نصَّ عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, وتعد قضية الشعب الفلسطيني العادلة في استرجاع أراضيه وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، قضية إنسانية متأكدة ذات أولوية، حقنًا للدماء البشرية المهدورة، وحماية للأنفس البريئة مما يقع عليها من أبشع صور الاضطهاد والقتل والتشريد والتدمير.