للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

استطاع أن ألّا تقوم حتى يغرسها فليفعل" ١، ونهى -صلى الله عليه وسلم- عن التبوّل أو التغوّط في الماء الراكد, أو في طريق الناس, فقال: "اتقوا اللاعنين، قالوا: وما اللاعنان؟ قال: الذي يتخلّى في طريق الناس أو ظلّهم" ٢. وهذه الأمثلة من نصوص القرآن والسنة النبوية الشريفة، تتعاضد لترسي خلقًا مثاليًّا وسلوكًا نموذجًًّا، يُقِرُّ بأن ما في الأرض وعليها هو من فيض نعم الله على الإنسان، وأن واجب الشكر يفرض عليه أن لا يضيع هذه النعم, وأن لا يسيء استعمالها بالإسراف والإفساد؛ فالإفساد هو جزء من هذا الكون المترامي الأطراف، من عناصره يتكوّن جسم الإنسان، ومن خيراته يعيش، وإليه يعود عند الموت، قال تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: ٥٥].

إن صيحات الفزع المتوالية هذه الأيام، والصادرة عن الهيئات والجمعيات المهتمة بالبيئة, والمعبر عنها بالجمعيات "الخضر"، تحوّلت إلى همٍّ سياسيٍّ وانشغال أممي، عبَّرت عنه المؤتمرات والندوات الدولية، وأشهرها الندوة الأممية حول البيئة والتنمية التي انعقدت بـ"ريودي جنيرو"٣.

وهذه الندوات تصب كلها في مجموعة من الاهتمامات، التي تراها كفيلة بتعديل السلوك البيئي لدى الإنسان، بما يعيد التوازنات الأيكولوجية، وذلك بعملٍ طويل المدى يستهدف التحسيس والتوعية بكل الوسائل الممكنة, وجوهر هذه الاهتمامات نلخصه في المحاور التالية:

- تحويل أنماط الاستغلال، والإنتاج والاستهلاك والتصرف المفرط، إلى ترشيدها السلوك نحو الاعتدال باعتبار الحاجيات اللازمة.

- تغيير نمط التنمية الصناعية بإرساء مشاريع تراعي المواصفات البيئية, وتحافظ على المحيط من كل مخاطر التلوث.


١ رواه أحمد في مسنده: ٣/ ١٩١.
٢ رواه مسلم.
٣ في شهر جوان من سنة ١٩٩٢.

<<  <   >  >>