للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

سياسيًّا وليست عنده حاسة الرجل العمومي ولا يفهم في السياسة شيئًا"١.

غير أن هذه القسوة وتلك المعارضة لم يطل أمرهما إذ انضمت إلى الخديوي وأصبحت داعية من دعاته، وكان هذه يكلفه خمسين ألف فرنك كل سنة على أن ترسل هذه الصحيفة إلى دواوين الدولة، ثم عقدت الحكومة مع مديرها المحامي هايكاليس "باشا فيما بعد" اتفاقًا لمدة خمس سنوات ينتهي في ٣١ ديسمبر سنة "١٨٧٩"٢ بشروط أهمها مناصرة الحكومة في سياستها جميعًا وقد دافعت "لو فارد الكسندري" عن إسماعيل وسياسته بحماسة ظاهرة بيد أنها كانت مكروهة جدًّا من الوطنيين، فقد أرسل مديرها في ٢٣ يوليو سنة ١٨٧٦ إلى باروت بك سكرتير خاص الخديو يشكو له إحدى المظاهرات التي أخذت تنتقل من شارع إلى شارع حتى بلغت مكتب جريدته، وأخذ المتظاهرون يهتفون بسقوط صحيفته، ويطلب في كتابه إلى سكرتير الخديوي أن يوضح حد لهذه المظاهرات التي تسيء إلى سمعة مصر وإدارتها والتي من شأنها أن تعطي مثلًا سيئًا وخطرًا للمصريين٣.

استطاع الخديوي إسماعيل بما بذل من جاهه عند قناصل الدول وبما قدم من ماله لأصحاب الصحف الفرنجية وبما طبقه من قوانين الصحافة التركية أحيانًا، استطاع أن يخضع الصحافة الأجنبية في مصر لسلطانه خضوعًا يكاد يكون مطلقًا حتى لم تعد الصحف المعارضة له تقوى على البقاء أو تستمر في الكفاح، وقد لوحظ على هذه الصحافة أنها كان تشتد في لهجتها كلما تحرجت أمور الخديوي ثم تلين قناتها إذا اعتدلت ظروفه واستقامت له الأمور، وقد انقسمت هذه الصحف إلى قسمين، قسم موال على إطلاق هذا المعنى وقسم بين بين، وهي هنا تمثل حقبة مهمة من تاريخ الصحافة الفرنجية المصرية إذ ترتبط نشأة


١ لوفارد الكسندري ٤ يونيو ١٨٧١.
٢ محفوظات عابدين وثيقة ١٢٣، دفتر ١، ص٦٢.
٣ عابدين ١١ - ٤٥. Dossier n.

<<  <   >  >>