للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

السياسة المصرية التي ظهرت في نهاية عهد إسماعيل وكانت كلما اجتمع المصريون على رأي أدخلت في ذهن قرائها أن هذه الوحدة وذلك الإجماع مصدرهما الرعب من الحكم العسكري وشرائه بالعنف واللين ذمم الذوات وضمائر الأعيان١ غير أن "لاريفورم" لا تستمر في خطتها بل تعود مواتية في اعتدال للأماني المصرية فتحمل على الإدارة الأوربية حملة شعواء وتصف رجالها بأقبح الأوصاف وتحمد لها الصحف المصرية هذه المواقف الكريمة٢.

ثم مثلت "لا جازيت دي تريبينو" الاتجاه القنصلي الفرنسي في شئون السياسة المصرية وأخذت تحمل على الخديوي إسماعيل في كل عدد من أعدادها تقريبًا حملات فيها من قسوة التعبير ما ضجت له الحكومة المصرية، فكتب شريف باشا في ٦ أبريل سنة ١٨٧٨ إلى قنصل فرنسا العام يشكو له محرر الجريدة؛ لأنه تجاوز حدوده وحمل بعنف على الخديوي ورجاله إلى حد لا تسوغه أكثر قوانين الصحافة حرية، ويعلن القنصل العام بأنه قرر وقف الجريدة شهرًا غير أن محرر "لا جازيت" يأبى الخضوع لأمر الحكومة المصرية ويرفض تنفيذ ما قضت به، ولولا حزم الحكومة وتصميمها على سحب الترخيص منه وإغلاق مطبعته إذ لم ينفذ أمرها لعجزت السلطة المصرية عن وقف حملات المحرر القاسية٣.

ولما بدأ الرأي العام المصري يتكيف على الصورة التي شرحناها في فصول سابقة أبت "لا جازيت دي تريبينو" أن تعترف للمصريين بحق من الحقوق وأبت أن تقر أن هناك رأيًا عامًّا أو شيئًا يقال له الحزب الوطني، وهاجمتها الصحافة المصرية العربية في شهري يونيو ويوليو سنة ١٨٧٩ وبلغت مقارعاتها لها حدًّا أثار الجالية الأوربية على المصريين.


١ نقلًا على التجارة في ١٠ أبريل ١٨٧٩.
٢ التجارة في ١٧ يوليو ١٨٧٩.
٣ محفوظات عابدين ٤/ ٤٥ Dossier.

<<  <   >  >>