للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإذا كانت "لا جازيت دي تريبينو" تمثل اتجاه الصحافة الفرنسية فإن "ذي إجبشيان جازيت" كانت في تمثيلها للاتجاه الإنجليزي أصدق تعبيرًا وأوضح ميولًا ومحلًا لثقة الجالية الإنجليزية، فكان يوحى إليها بالرأي فتذيعه ثم تحقق الأيام أخبارها، وتكاد تعلن موضوعات الصحيفة أنها جريدة رسمية للقنصل البريطاني أو الرقيب الأجنبي، وتميزت "ذي إجبشيان جازيت" بإثارة النواحي الدينية في خصومتها للحركة المصرية، وكثيرًا ما رمت المصريين بتعصبهم للدين وأذاعت الأخبار الغربية عن هذا التعصب وأدعت تحاملهم على كل ما هو مسيحي وصورت أتفه الحوادث بالمجازر١ وكثيرًا ما أسفت في معارضتها ونقلت المسائل العامة إلى لون من المهاترات الصحفية فزعمت أن النواب المصريين يتعاطون القهوة والشيشة في المجلس وردت عليها الصحف العربية وعيرتها بزجاجات الخمر التي يحملها نواب الإنجليز وهم في قاعة مجلسهم٢.

وقد استطاعت الصحف الفرنجية أن تنجو من بطش الحكومة؛ لأن شئون الصحافة كانت حياتها خلوًّا من قانون ينظم أمورها ويطبق على الصحافة العربية والفرنجية جميعًا، وبذلك تمكنت الصحف الأجنبية في مصر من البقاء؛ لأن معالجة تعطيلها أو إنذارها تثير مشاكل بين الحكومة المصرية والحكومات الأخرى كانت مصر لا تقوى على إثارتها، على حين كان ناظر الخارجية يملك بجرة قلم إلغاء أخطر صحيفة عربية لمواطن مصري، ومع أن قانون المطبوعات الصادر في ٢٦ نوفمبر سنة ١٨٨١ سوى بين الصحف جميعًا فإن "الإجبشيان جازيت" وجريدة "جازيت دي تريبينو" حملتا على هذا القانون وحمتهما وغيرهما من صحف، الدول الأوربية صاحبة الامتيازات٣.


١ راجع المحروسة في ٧ فبراير ١٨٨٢.
٢ الزمان في ٦ مارس ١٨٨٢.
٣ راجع العصر الجديد في ٧ ديسمبر ١٨٨١.

<<  <   >  >>