للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كانت الصحف الأجنبية في مصر متفقة المزاج تقريبًا؛ لأن الدول الأوربية وفي مقدمتها إنجلترا وفرنسا كانت على اتفاق في وجهات النظر إزاء المسألة المصرية، غير أن هذا الاتفاق في الروح والاتجاه لم يدم طويلًا بعد الاحتلال؛ ذلك لأن المسألة المصرية اتخذت وضعًا كان مثارًا للخلاف بين الدول ومن ثم كان مثارًا للخلاف بين الصحافة المعبرة عن تلك الدول في مصر، فتركيا لم تقر هذا الاحتلال وكذلك كان موقف فرنسا ومعظم الدول الأوربية وإن بقيت إيطاليا إلى جانب إنجلترا منذ احتلال فرنسا لتونس سنة ١٨٨١.

وقد استقبل الاحتلال كثيرًا من الصحف القديمة التي حالت الظروف دون صدورها خلال الحرب العرابية، وكانت أهم الصحف الفرنجية التي استقبلها الاحتلال في أيامه الأولى جريدة "ذي إجبشيان جازيت" وجريدة "لو بوسفور إجبسيان" فقد عادتا إلى الحياة باستقرار الحالة الجديدة، فأما الصحيفة الإنجليزية فقد كان موقفها كريمًا مع دعاة الثورة ورجالها وأبت أن تقف إلى جانب الخديوي وشيعته، وحاربت نزعة التطرف الانتقامية التي استولت على خصوم العرابيين، ومصدر هذا الموقف اتجاه الحكومة الإنجليزية إلى تصفية الثورة تصفية فيها شيء من الترفع عن الصغائر، كما أن للمستر "الفرد بلنت" صديق العرابيين دخلًا في موقف الجريدة فقد بذل الجهد وسخا بالمال حتى جعل الصحيفة في جانبه١.

وأما الصحيفة الفرنسية فقد عادت إلى الظهور في سنتها الثانية وسجلت لنفسها تاريخًا خطيرًا في أوائل عهد الاحتلال، فهي صحيفة أنشأها المسيو سريير " Serriere" في مدينة بورسعيد سنة ١٨٨٠ حيث كان يقتني مطبعة فرنجية كاملة ثم انتقل بها إلى القاهرة في السنة الثانية، وتولى تحريرها المسيو جيرو " Giraud" وهو من خيرة المحامين المعروفين في ذلك الوقت، وكانت كتاباته تستقبل استقبالًا حسنًا من المصريين والأجانب على السواء،


١ بلنت، التاريخ السري ص٣٢٢.

<<  <   >  >>