في نشأتها الأولى، فنجح في ذكر بعض الحقائق التي لا تبنى تاريخًا وإن كانت من مواده الأولية، ثم أخطأ في كثير من الحوادث وحمل الصحف أوصافًا لم تكن لها، وميز الصحفيين المصريين الذين عرض لهم بمزايا لم تؤثر عنهم، وهو بذلك يعتمد على نشاطه الشخصي وتقديره الذاتي للحوادث والأخبار، غير أن الجزء الرابع من تاريخ جاء أقرب إلى الكمال من أجزائه الثلاثة الأولى، فقد نشر فيه أسماء الصحف المصرية ومواعيد صدورها منذ عرفت الصحافة في مصر إلى سنة ١٩٢٩ وقد حرص على ذكر الصحف العربية وحدها، كما أنه ظن في مراجعته لوثائق إدارة المطبوعات المصرية أن الأمرب بترخيص الجريدة أو الموافقة على إصدارها معناه ظهور الجريدة في مصر، وهذا غير صحيح؛ لأن كثيرًا من الصحف المرخصة لم تصدر ولم تعرف طريقها إلى المطبعة.
ثم إنه أراد أن يكمل نقص إدارة المطبوعات فعاد إلى دار الكتب المصرية وهنا اعتمد على البيان الذي قدم إليه من الدار المذكورة؛ وهو بيان ناقص؛ لأن بعض الصحف القديمة التي اشترتها الدار لم يكن قد رصد بعد في سجلاتها، كما أنني وجدت صحفًا في دار الكتب بالمصادفة أو بإيحاء من أصحاب التجارب القدماء، وقد اكتفى طرازي بهذا الجهد، وأغفل مكتبة طلعت حرب باشا المحفوظة في بنك مصر بالقاهرة، ومكتبة المجمع العلمى، حيث تحفظ بعض الصحف القديمة التي خلت من نظير لها في دار الكتب وأغفلتها سجلات إدارة المطبوعات.
وقد حاور غير فيليب دي طرازي التخصص في بحث هذا التاريخ أو علاج أمره فكتب إلياس عطارة الحبي كتابين أحدهما "تكوين الصحف في العالم" سنة ١٩٢٦، والثاني "تاريخ تكوين الصحف المصرية" سنة١٩٢٨ فأما الكتاب الأول فقد احتفل بأقوال العظماء وأحاديثهم عن الصحافة وقدرها في حياة الشعوب، وعنى الثانى بالصحافة المصرية عناية تشبه في الإيجاز