بيد أن بنيان الحكم بقي متصدعًا بالرغم من ولاية توفيق لرئاسة الحكومة.
وقد استقبل مجلس شورى النواب الوزارة الجديدة أشد معارضة مما كان فرأت الحكومة أن تفض هذا المجلس، وكان في وسعها أن تصنع ذلك دون أن يحس الرأي العام ما صنعت، ولكن الصحف تفوت عليها هذا الغرض وتهاجمها وتنصر النواب، وتشجعهم وتعلن موقف المويلحي عضو المجلس من عطو فتلو رياض باشا الذي حضر إلى المجلس ليفضه حتى إذا ذكر الوزير شكره للخدمات التي قام بها المجلس ذكرت الوطن موقف المويلحي الذي انبرى للوزير محتجًا بأنه لا معنى لتشكرات الحكومة فإنهم -أي النواب- لم يبدوا مأثرة تنشر ولم يفعلوا شيئًا يستحقون عليه الشكر والامتنان وأنهم مصممون على دوام انعقاد المجلس إلى آخر هذا الحوار البديع بين النائب والوزير.
وقد أخذت الجريدة تعلق على ذلك كله وهي تلتمس للنواب مخرجًا من الحرج الذي دفعتهم إليه الحكومة، هذا الحرج الذي يحرمهم مواجهة ناخبيهم والتحدث إليهم فهم لم يفعلوا شيئًا حقًّا ولم يقوموا بواجبهم المفروض عليهم أداؤه، والجريدة ترى من واجبها أن تذيع على الناس ذلك الموقف "ليشهدوا المعركة بين الاستبداد والحرية" وليس هذا فقط بل هي تحرض بقية الهيئات الأخرى على معاضدة النواب وتشجيعهم وتدفع الجماهير إلى شد أزرهم ذاكرة أن مجلس النواب المصري يهزأ منه الحكومة وتراه لا يعادل مجلس نواب البلغار مع الفارق الكبير بين البلدين وبين الشعبين وبين موارد كليهما ثم تطالب بتنقيح قانون المجلس القديم إن كان له قانون كما تقول هي، على أن يراعي في وضع قانونه ظروف الزمان والمكان كما ألحت في إطلاق حرية الصحافة وسن قانون لها ينظم أمورها١.
لم تستطع حكومة ولي العهد أن تواجه الحملة الصحفية بحزم مع أن الحكومة جمعت أصحاب "الجرانيل" وأكدت عليهم "بعدم درج شيء