مقدمة كتابه التمهيد وقال البلقيني" بالموحدة مضمومة وكسر القاف نسبة إلى قرية بمصر وهو إمام كبير الشأن وهو شيخ الحافظ ابن حجر وغيره من الأئمة "في علوم الحديث وذكر محمد بن جرير الطبري١ أن التابعين أجمعوا بأسرهم على قبول المراسيل ولم يأت عنهم إنكاره ول عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المائتين قال ابن عبد البر كأن ابن جرير يعني أن الشافعي أول من أبى قبول المراسيل انتهى" لما قاله إلى رأس المائتين ولا يخفى أن التابعين قبلوا مراسيل التابعين إذ هي الموجودة في عصرهم ومراسيل الصحابة لكن لا خفاء أن هذا لا ينطبق على ما هو المراد بالمرسل عند الزيدية.
على أن هذا النقل الذي نقله ابن جرير وقوله إنه لم يأت عن أحد إنكاره إلى رأس المائتين ونقله ابن الحاجب أيضا فيه أمران الأول قد نقل عن سعيد ابن المسيب وهو من كبار التابعين كما عرفت أن المرسل ليس بحجة ومثله نقله الحافظ ابن حجر عن ابن سيرين وبه يعرف بطلان الإجماع وأن دعوى أنه لم يأت فيه خلاف إلا من بعد المائتين غير صحيح ويؤيد بطلان دعوى الإجماع أنه حكى عن أبي اسحق الإسفراييني أنه لا يقبل المرسل مطلقا حتى مرسل الصحابة قال لا لأجل الشك في عدالتهم بل لأجل أنهم قد يروون عن التابعين قال إلا أن يخبر الصحابي عن نفسه أنه لا يروى إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم: أو عن صحابي فحينئذ يجب العمل بما يرويه وذكر ابن بطال عن الشافعي أن المرسل عنده ليس بحجة حتى مرسل الصحابة.
وبهذا تعرف أن المسألة غير إجماعية فلا يتم لهم ولمن تبعهم دليلا على ذلك.
"وروى البلقيني قبول المراسيل عند أحمد بن حنبل في رواية وعدها" أي روايته عنه "من زوائد فوائده" لأنه يروها أهل علوم الحديث عن أحمد.
قلت: قد رواها أيضا تلميذ البقيني الحافظ ابن حجر ولكنها في مراسيل التابعين وإنما الاشتراط أن يكون المرسل من كبار التابعين بل ولو من صغارهم ولكن قال أبو داود في رسالته إلى أهل مكة ما لفظه وأما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك والأوزاعي حق جاء الشافعي فتكلم فيه وتابعه
١ محمد بن جرير الطبري الإمام صاحب التصانيف المشهورة ورحل في طلب الحديث وسمع بالعراق والشام ومصر وحدث بأكثر مصنفاته. مات سنة ٣١٠. له ترجمة في: البداية والنهاية ١١/١٤٥. وتاريخ بغداد ٢/١٦٢. ووفيات الأعيان ٣/٣٣٢.