على ذلك أحمد بن حنبل وغيره انتهى فينظر في نقل البلقيني وابن حجر عن أحمد.
"الوجه الثاني" من وجوه أدلة قبول المرسل عند الزيدية "أن الأدلة الدالة على التعبد بخبر الواحد" وهي معروفة في الأصول وعمدتها إجماع الصحابة والتابعين على العمل بها فهو عائد إلى الاستدلال الأول وهي "لم تفصل بين كونه مسندا أو مرسلا" لأن الكل يصدق عليه أنه خبر أحادي.
"الوجه الثالث" من الأدلة "أن الثقة إذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جازما بذلك" هذا هو الذي قيد به المسألة في مختصره كما ذكرناه هو احتراز عن أن يرويه بصيغة التمريض "وهو يعلم أن من رواه مجروح العدالة كان الثقة قد أغرى السامع بالعمل بالحديث والرواية له" وهي من العمل أيضا إلا أنها لما تعورفت فيما عداها عطفها عليه "وذلك خيانة للمسلمين لا تصدر عن العدل" والفرض أنه عدل "ولهذا قبل المحدثون ما جزم به البخاري من التعاليق على أصح الأقوال" مع أنها مراسيل.
وأجيب عنه بأنه اختص البخاري بقبول تعاليقه لأنه التزم الصحة في كتابه بخلاف غيره من أئمة التابعين فإنهم لم يلتزموا ذلك وإن كان المشهور أن تعاليقه التي يحكم لها بالصحة هي ما علقه بصيغة الجزم لأنه يدل على صحة الإسناد بينه وبين من علق عنه.
وقال الحافظ ابن حجر إن كل ما أورده البخاري في كتابه مقبول إلا أن درجاته متفاوتة في الصحة ولتفاوتها تخالف بين العبارتين في الجزم والتمريض إلا في مواضع يسيرة جدا أوردها وتعقبها بالتضعيف أو التوقف في صحتها انتهى.
قلت: هذا كلام الحافظ هنا والذي أفاد كلامه في مقدمة الفتح أن المعلق في الصحيح بصيغة الجزم يحتمل ثلاثة أقسام:
الأول: معلق قد وصله في محل آخر فهذا موصول في الحقيقة وتعليقه عارض بسبب الاختصار.
والثاني: قسمان: معلق لا يلتحق بشرطه لكنه حسن وصلاح للحجية.
وثانيهما: ضعيف بالانقطاع هذا كلامه وإذا عرفته عرفت أن ما أورده بصيغة الجزم متردد بين ما ذكر فلا يتم الحكم لما أورده بها شيء حتى يكشف عن حاله فمن قال ما أورده البخاري معلقا بصيغة الحزم صحيح فقوله غير صحيح لما عرفته من الاحتمال.