ثم ذكر الحافظ في المقدمة فيما يورده البخاري بصيغة التمريض أنه متردد بين خمسة أشياء صحيح على شرطه صحيح على شرط غيره حسن ضعيف فرد انجبر بالعمل على موافقته ضعيف فرد لا جابر له هذا خلاصة ما أفاده كلامه في المقدمة.
وإذا عرفت تردد الصيغة بين هذه الخمسة فهي مبهمة لا يتم معرفة المراد منها إلا بعد الكشف عن حقيقتها وعرفت أن في تسميتها صيغة تمريض بحثا فإن الثلاثة الأول مما يجزم به وكأن المراد أنها صيغة تمريض نظرا إلى شرط البخاري في غير القسم الأول فإنه على شرطه.
ومن هنا تعلم أن صيغة التمريض لا تدل على الضعف في اصطلاح البخاري ومن استدل بها على ضعف ما يرويه بها فقد جهل مراده ثم لا يعزب عنك أنه كان الأولى أن يجعل ما هو على شرط غيره من أقسام ما عبر عنه بصيغة الجزم كما أنه كان المتعين في القسم الأول من هذه الأقسام أن يعبر عنه بها وذلك لأنه قد جعل الحسن من أقسام ما يعبر عنه بصيغة الجزم وهو أنزل منه رتبة كما أنه كان يتعين جعل الضعيف بالانقطاع من هذا القسم أي من قسم ما يعبر عنه بصيغة التمريض لا مما يعبر عنه بصيغة الجزم وقد جعله من أقسام ما عبر عنه بصيغة الجزم وبعد هذا تعرف تقارب الصيغتين وتعرف أن تقرير الحافظ في النكت يخالف تقريره في المقدمة فتأمل ومنه تعرف أن قول المصنف ولهذا قبل المحدثون ما جزم به البخاري من التعاليق ليس على إطلاقه بل فيه التفصيل الذي سمعته.
"واعتذر المحدثون عن هذه الحجيج" التي استدل بها قابلوا المراسيل "أما إجماع الصحابة فلم يسلموا علمهم الجميع" لتفرقهم في الآفاق "و" لا يسلموا "أن سكوتهم عن رضا" وقد عرفت أنهما ركنا الإجماع السكوتي "وإن سلموا فلا حجة في ذلك لوجهين:
أحدهما: أن قبول مراسيل الصحابة مجمع على جوازه ممن روى الإجماع عليه ابن عبد البر في تمهيده ذكره في حديث ابن عمر في المواقيت" قد قدمنا الخلاف في مراسيل الصحابة عن أبي اسحق الإسفراييني وكذلك صرح أبو بكر الباقلاني في التقريب أن المرسل لا يقبل مطلقا حتى مراسيل الصحابة وذلك للعلة التي ذكرناها ونقل عدم قبول مراسيلهم عن الشافعي ابن بطال في أوائل شرح البخاري ذكر هذا كله الحافظ ابن حجر.