كان إذا نزل جهة من جهات المدينة لاظهار أنه يريد المعونة أو الحرس فيقدمون له بالطعام فيقول: لا آكل إلا الفراخ ويظهر أنه صائم فيكلف أهل تلك الجهة أنواع المشتقات والتكلفات بتعنته في هذه الشدة بطلب أفحش المأكولات وما هو مفقود ثم هو مع ذلك لا يغني شيئا بل إذا دهم العدو تلك الجهة التي هو فيها فارقها وانتقل لغيرها وهكذا كان ديدنه ثم هو ليس ممن له في مصر ما يخاف عليه من مسكن أو أهل أو مال أو غير ذلك بل كما قيل: لا ناقتي فيها ولا جملي فإذا قدر ما قدر تخلص مع حزبه إلى بعض الجهات والتحق بالريف أو غيره وحينئذ يكون كآحاد الناس ويرجع لحالته الأولى وتبطل الهيئة الاجتماعية التي جعلها لجلب الدنيا فخا منصوبا ومخرق بها على سخاف العقول وإخفاء الاحلام وهكذا حال الفتن تكثر فيها الدجاجلة ولو أن نيته ممحضة لخصوص الجهاد لكانت شواهد علانيته اظهر من نار على علم أو اقتحم كغيره ممن سمعنا عنهم من المخلصين في الجهات وفي بيع أنفسهم في مرضاة رب العباد لظا الهيجاء ولم يتعنت على الفقراء ولم يجعل همته في السلب مصروفة وحال سلوكه عند الناس ليست معروفة.
ومهما تكن عند امرىء من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تعلم
وبالجملة فكان هذا الرجل سببا في تهدم أغلب المنازل بالازبكية ومن جملةما رميت به مصر من البلاء وكان ممن ينادى به عليه حين اشيع أمر الصلح وتكلم به الأشياخ الصلح منقوض وعليكم بالجهاد ومن تأخر ضرب عنقه وهذا منه افتيات وفضول ودخول فيما لا يعني حيث كان في البلد مثل الباشا والكتخدا والأمراء المصرية فما قدر هذا الاهوج حتى ينقض صلحا أو يبرمه وأي شيء يكون هو حتى ينادي أو ينصب نفسه بدو أن ينصبه أجد لذلك لكنها الفتن يستنسر بها البغات سيما عند هيجان العامة وثوران الرعاع والغوغاء إذ كان ذلك مما يوافق أغراضهم عل أن المشايخ لم يأمروا بشيء ولم يذكروا صلحا ولا غيره إنما بلغوا صورة المجلس الذي طلبوا لأجله لحضرة الكتخدا فبمجرد ذلك قامت عليهم