وتطاولت النصارى من القبط والنصارى الشوام على المسلمين بالسب والضرب ونالوا منهم اغراضهم واظهروا حقدهم ولم يبقوا للصلح مكانا وصرحوا بانقضاء ملة المسلمين وأيام الموحدين هذا والكتبة والمهندسون والبناؤن يطوفون ويحررون أجر الأماكن والعقارات والوكائل والحمامات ويكتبون أسماء أربابها وقيمتها.
وخرجت الناس من المدينة وجلوا عنها وهربوا إلى القرى والارياف وكان ممن خرج من مصر صاحبنا النبيه العلامة الشيخ حسن المشار إليه فيما تقدم فتوجه لجهة الصعيد وأقام باسيوط فأقام بها نحو ثمانية عشر شهرا.
ثم أن أكثر الفارين رجع إلى مصر لضيق القرى وعدم ما يتعيشون به فيها وانزعاج الريف بقطاع الطريق والعرب والمناسر بالليل والنهار والقتل فيما بينهم وتعدى القوى على الضعيف واستمرت الطرق محفرة والأسواق معفرة والحوانيت مقفولة والعقول مخبولة والنفوس مطبوقة والغرامات نازلة والارزاق عاطلة والمطالب عظيمة والمصائب عميمة والعكوسات مقصودة والشفاعات مردودة وإذا أراد الإنسان أن يفر إلى ابعد مكان وينجو بنفسه ويرضى بغير أبناء جنسه لا يجد طريقا للذهاب وخصوصا من الملاعين الأعراب الذين هم أقبح الاجناس وأعظم بلاء محيط بالناس وبالجملة فالأمر عظيم والخطب جسيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة أن اخذه أليم شديد.
وفي عشرينه انتقلوا بديوان الفردة من بيت البارودي إلى بيت القيسرلي بالميدان ووقع التشديد في الطلب والانتقام بأدنى سبب وانقضى هذا العام وما جرى فيه من الحوادث العظام بأقليم مصر والشام والروم والبيت الحرام.
فمنها وهو أعظمها تعطيل الثغور ومنع المسافرين برا وبحرا ووقوف