البلدة كذلك بل أزيد وأقاموا حول البلد محافظين عليهم واطلقوا بعضهم وحجزوا المسمى بمصطفى الخادم لأنه صاحب الأكثر في الوظيفة والالتزام وطالبوه بالمال وفي كل وقت ينوعون عليه العقاب والعذاب والضرب حتى على كفوف يديه ورجليه ويربطونه في الشمس في قوة الحر والوقت مصيف وهو رجل جسيم كبير الكرش فخرجت له نفاخات في جسده ثم أخذوا خليفة المقام أيضا وذهبوا به إلى منوف ثم ردوه وولوه رئاسة جمع الدراهم المطلوبة من البلد فوزعت على الدور والحوانيت والمعاصر وغير ذلك واستمروا على ذلك إلى انقضاء العام حتى أخذوا عساكر المقام وكانت من ذهب خالص زنتها نحو خمسة آلاف مثقال وأما المحلة الكبرى فإنهم رجعوا عليها وقرروا عليها نيفا ومائة ألف ريال فرانسة وأخذوا في تحصيلها وتوزيعها وهجموا دورها وتتبع المياسير من أهلها كل ذلك مع استمرار طلب الكلف الشاقة في كل يوم منها ومن طنتدا والتعنت عليهم وتسلط طوائف الكشوفية التابعين لهم الذين هم أقبح في الظلم من الفرنسيس بل ومن العرب فإنهم معظم البلاد أيضا فإنهم هم الذين يعرفون دسائس أهل البلاد ويشيعون احولهم ويتجسسون على عوراتهم ويغرون بهم.
واستمروا على ذلك أيضا ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون.
ومنها أنه لما وقع الصلح بين العثمانية والفرنساوية أرسل الوزير فرمانات للثغور باطلاق الأسافيل وحضور المراكب والتجار بالبضائع وغيرها إلى ثغر الأسكندرية وصحبتها ثلاثة غلايين سلطانية وسفن مشحونة بالذخيرة لحضرة الوزير ولوازم العسكر العثماني فلما قربوا من الثغر أقاموا البنديرات وضربوا مدافع للشنك فطمعهم الفرنساوية وأظهروا لهم المسالمة وأظهروا لهم بنديرة العثماني فدخلوا إلى المينا ورموا مراسيم ووقعوا في فخ الفرنسيس فأستولوا على الجميع وأخذوا مدافعهم وسلاحهم وحبسوا