فلما كان يوم الأحد ثالث ربيع الأول أرسلوا أيوب بك ومحمد بك إلى العزبان ليأخذوا جمال السقائين وحميرهم ومنع الماء عن البلد فأخذوا جميع ما وجدوه فعز الماء ووصل ثمن القربة خمسة أنصاف فضة فأمر الأمراء الآخرون طائفة من العسكر أن يركبوا إلى جهة قصر العيني ويستخلصوا الجمال ممن نهبهم فتوجهوا وجلسوا بالمساطب ينتظرون من يمر عليهم بالجمال. فلما بلغ محمد بك حضورهم هناك مع طائفة هوارة وهجموا عليهم وهم غير مستعدين فأندهشوا ودافعوا عن أنفسهم ساعة ثم فروا وتأخر عنهم جماعة لم يجدوا خيلهم لكون سواسهم أخذوها وفروا فقتلهم محمد بك وأرسل رؤوسهم للباشا فانسر سرورا عظيما واعطى ذهبا كثيرا.
فلما رجع المنهزمون إلى منزل قانصوه بك وأيواظ بك لم يسهل عليهم ذلك واتفقوا على البروز إليهم فركبوا في يوم الإثنين رابع عشر ربيع الثاني وخرج الفريقان إلى جهة قصر العيني والروضة فتلاقيا وتحاربا وتقاتلا قتالا عظيما تجندلت فيقالا بطل وقتل من الجند خاصة زيادة عن الأربعمائة نفر من الفريقين خلاف العربان والهوارة وغيرهم. وقصد ايواظ بك محمد بك الصعيدي فأنهزم إلى جهة المجراة فساق خلفه وكان الصعيدي قد اجلس أنفارا فوق المجراة مكيدة وحذرا فضربوا على ايواظ بك بالرصاص ليردوه فأصيب برصاصة في صدره فسقط عن جواده وتفرقت جموعه وأخذ الاخصام رأسه. وبينما القوم في المعركة إذ ورد عليهم الخبر بموت ايواظ بك فانكسرت نفوسهم وذهبوا في طلبه فوجدوه مقتولا مقطوع الرأس فحمله أتباعه ورجع القوم إلى منازلهم. ولما قطعوا رأس ايواظ بك وذهبوا بها إلى محمد بك قال: هذه رأس من قالوا: رأس قليدهم ايواظ بك فأخذها وذهب بها عند أيوب بك ورضوان. فقال أيوب بك: هذه رأس من قال: رأس قليدهم. فبكى أيوب بك وقال: حرم علينا عيش مصر.