خيامهم أسفل انبابة وعند وصولهم إلى مضاربهم ضربوا عدة مدافع فلما سمعها الفرنساوية ضرب الاخرون تلك المدافع التي ذكروا أنها شنك وأما العساكر الشرقية فوصلت أوائلهم إلى منية الأمراء المعروفة بمنية السيرج والمراكب فيما بينها من البرين بكثرة فعند ذلك عزت الاقوات وشبحت زيادة على قلتها وخصوصا السمن والجبن والأشياء المجلوبة من الريف ولم يبق طريق مسلوكة إلى المدينة إلا من جهة باب القرافة وما يجلب من جهة البساتين من القمح والتبن فيأتي ذلك إلى عرضة الغلة بالرميلة ويزدحم عليه النساء والرجال بالمقاطف فيسمع لهم ضجة عظيمة وشح اللحم أيضا وغلا سعره لقلة المواشي والأغنام فوصل سعر الرطل تسعة أنصاف والسمن خمسة وثلاثين نصفا والبصل باربعمائة فضة القنطار والرطل الصابون بثمانين فضة والشيرج عشرين نصفا وأما الزيت فلا يوجد البتة وغلت الأبزار جدا واتفق إلى قصة غريبة وهو أني احتجت إلى بعض أنيسون فأرسلت خادمي إلى الأبزارية على العادة يشتري لي منه بدرهم فلم يجده وقيل له أنه لا يوجد إلا عند فلان وهو يبيع الأوقية بثلاثة عشر نصفا ثم اتاني منه باوقيتين بعد جهد في تحصيله فحسب على ذلك سعر الاردب فوجدته يبلغ خمسمائة ريال أو قريبا من ذلك فكان ذلك من النوادر الغريبة.
وفي يوم الإثنين ثالثه حصلت الجمعية بالديوان وحضر التجار ومشايخ الحارات والاغا وحضر مكتوب من بليار قائمقام خطابا بالارباب الديوان والحاضرين يذكر فيه أنه حضر إليه مكتوب من كبيرهم منوبا بالاسكندرية صحبة هجانة فرنسيس وصلوا إليهم من طريق البرية مضمونة أنه طيب بخير والاقوات كثيرة عندهم يأتي بها العربان إليهم وبلغهم خبر وصول عمارة مراكب الفرنساوية إلى بحر الخزز وأنها من قريب تصل الأسكندرية وأن العمارة حاربت بلاد الانكليز واستولت على شقة كبيرة منها فكونوا مطمئنين الخاطر من طرفنا ودوموا على هدوكم