وفي ذلك اليوم وما بعده دخل بعض الانجليز ومروا بأسواق المدينة يتفرجون وصحبتهم اثنان أو واحد من الفرنسيس يعرفونهم الطرق.
وأشيع في ذلك اليوم ارتحال الفرنساوية ونزولهم من القلاع وتسليمهم الحصون من الغد وقت الزوال.
فلما أصبح يوم الخميس ومضى وقت الزوال لم يحصل ذلك فاختلفت الروايات فمن الناس من يقول ينزلون يوم الجمعة ومنهم من يقول أنهم أخذوا مهلة ليوم الإثنين وبات الناس يسمعون لغط العساكر العثمانية وكلامهم ووطء نعالاتهم فنظروا فإذا الفرنساوية خرجوا بأجمعهم ليلا وأخلوا القلعة الكبيرة وباقي القلاع والحصون والمتاريخ وذهبوا إلى الجيزة والروضة وقصر العيني ولم يبق منهم شبح يلوح بالمدينة وبولاق ومصر العتيقة والازبكية ففرح الناس كعادتهم بالقادمين وظنوا فيهم الخير وصاروا يتلقونهم ويسلمون عليهم ويباركون لقدومهم والنساء يلقلقن بالسنتهن من الطيقان وفي الأسواق وقام للناس جلبة وصياح وتجمع الصغار والاطفال كعادتهم ورفعوا اصواتهم بقولهم نصر الله السلطان ونحو ذلك وهؤلاء الداخلون ودخلوا من نقل الغريب المثقوب في السور وتسلقوا أيضا من ناحية العطوف والقرافة وأما باب النصر والعدوى فهما على حالهما مغلوقان لم يأذنوا بفتحهما خوفا من تزاحم العسكر ودخولهم المدينة دفعة واحدة فيقع فيهم الفشل والضرر بالناس وباب الفتوح مسدود بالبناء فلما تضحي النهار حضر قبي قول وفتح باب النصر والعدوى واجلس بهما جماعة من النيكجرية ودخل الكثير من العساكر مشاة وركبانا اجناسا مختلفة ودخلت بلوكات الينكجرية وطافوا بالأسواق ووضعوا نشاناتهم وزنكهم على القهاوى والحوانيت والحمامات فامتعض أهل الأسواق من ذلك وكثر الخبز واللحم والسمن والشيرج بالأسواق وتواجدت البضائع وانحلت الأسعار وكثرت الفاكهة مثل العنب والخوخ والبطيخ وتعاطي بيع غالبها الأتراك والارنؤد