من المماليك واتفق الرأى على سفره من طريق بحر القلزم صحبه محمد جاويش مستحفظان ومعه الكسوة والصرة وكان حضر الكثير من حجاج الجهة القبلية بجمالهم ودوابهم ومتاعهم فلما تحققوا عدم السفر حكم المعتاد باعوا جمالهم ودوابهم بالرميلة بأبخس الأثمان لعدم العلف بعد ما كلفوها بطول السنة. وما قاسوه أيضا في الأيام التي أقاموها بمصر في الانتظار والتوهم.
شهر ذى القعدة سنة ١٢١٨.
استهل بيوم الإثنين فيه أنزلوا حسين قبطان ومن معه من عسكر الارنؤد من القلعة وكانوا نحو الأربعمائة فذهبوا إلى بولاق وسكنوا بها بعدما أخرجوا السكان من دورهم بالقهر عنهم ولم يبق بالقلعة من أجناسهم سوى الطبجية المتقيدين بخدمة المصرلية.
وفيه ألبس إبراهيم بك كتخداه رضوان خلعة وأشيع أنه قلده دفتردارية مصر وذهب إلى البرديسي فخلع عليه أيضا وكذلك الألفي وذلك إكراما وتنويها بذكره جزاء فعله ومجيئه بالباشا وتحيله عليه.
وفي ليلة الجمعة خامسه وصلت مكاتبات من يحيى بك البرديسي حاكم رشيد يخبر فيها بوصول محمد بك الألفي الكبير إلى ثغر رشيد يوم الأربعاء ثالثه وقد طلع على أبي قير وحضر إلى ادكو ثم إلى رشيد في يوم الأربعاء المذكور وقصده الإقامة برشيد ستة أيام فلما وصلت تلك الاخبارعملوا شنكا وضربوا مدافع كثيرة بعد الغروب وكذلك بعد العشاء وفي طلوع النهار من جميع الجهات من الجيزة ومصر القديمة وبيت البرديسي والقلعة وأظهروا البشر والفرح وشرعوا في تشهيل الهدايا والتقادم وأضمروا في نفوسهم السوء له ولجماعته والمتآمرين حسدا لرآسته عليهم وخمولهم بحضوره فهاجت حفائظهم وكتموا حقدهم وتناجوا فيما بينهم وبيتواء أمرهم مع كبار العسكر. وأرسل البرديسي كتابا إلى مملوكه يحيى بك تابعه حاكم رشيد يأمره فيه بقتل الألفي هناك وركب هو إلى النيل وعدى شاهين بك ومحمد بك المنفوخ وأسمعيل بك