وكبس عليهم في غفلة من الليل وحاربهم وظهر عليهم واذعنوا لطاعته وتفرق عنهم المساعدون لهم ثم تتبعهم واقتص منهم وكاد البلاد وقهر العباد ونصبت الدولة فخاخا لصيده مرارا فلم يتمكنوا من ذلك فلم يسعهم بعد ذلك إلا مسالمته ومسايرته وثبت قدمه وطار صيته في جميع الممالك الإسلامية والقرانات الافرنجية والثغور واشتهر ذكره وراسله ملوك النواحي وارسلهم وهادوه وهابوه وبنى عدة صهاريج وملأها بالزيت والسمن والعسل والسيرج والأرز وأنواع الغلة وزرع ببستانه سائر أصناف الفواكه والنخيل والاعناب الكثيرة وجدد دولته ثانيا واشترى مماليك وجواري بدلا عن الذين ابادهم بالجملة فكان من غرائب الدهر واخباره لا يفي القلم بتسطيرها ولا يسعف الفكر بتذكارها ولو جمع بعضها جاءت مجلدات ولو ولم يكن له من المناقب إلا استظهاره على الفرنساوية وثباته في محاربتهم له أكثر من شهرين لم يغفل فيها لحظة لكفاه وكان يقول: إن الفرنساوية لو اجتهدوا في إزالة جبل عظيم لإزالوا في أسرع وقت وقد تقدم بعض خبر ذلك في محله وكان يقول: أنا المنتظر وأنا أحمد المذكور في الجفور الذي يظهر بين القصرين واستخرج له الكثير من الذين يدعون معرفة الاستخراج عبارات تأيلات ورموزا واشارات ويقولون: المراد بالقصرين مكانان جهة الشام أو المحملان أو نحو ذلك من الوساوس ولم يزل حتى توفي في آخر هذا العام على فراشه وكان سليمان باشا تابعه غائب بالحجاز في إمارة الحج الشامي فلما علم أنه مفارق الدنيا أحضر إسماعيل باشا والي مرعش وكان في محبسه يتوقع منه المكروه في كل وقت فأقامه وكيلا عنه إلى حضور سليمان باشا من الحج واعطاه الدفاتر وعرفه بعلوفة العسكر واوصاه فلما انقضى نحبه ودفنوه صرف النفقة واتفق مع طه الكردي وصالح الدولة وتحصن بعكا وحضر سليمان باشا فامتنعا عليه ولم يمكنه الدخول إليها فاستمر إسمعيل باشا إلى أن اخرجه اتباع المترجمع بحيلة وملكوا سليمان باشا بعد أمور لم تحقق كيفيتها وذلك.