بشروطنا لما نتوسمه فيك من العدالة والخير فامتنع أولا ثم رضي وأحضروا له كركا وعليه قفطان وقام إليه السيد عمر والشيخ الشرقاوي فألبساه له وذلك وقت العصر ونادوا بذلك في تلك الليلة في المدينة وأرسلوا إلى أحمد باشا الخبر بذلك فقال: إني مولى من طرف السلطان فلا اعزل بأمر الفلاحين ولا انزل من القلعة إلا بامر من السلطنة وأصبح الناس وتجمعوا أيضا فركب المشايخ ومعهم الجم الغفير من العامة وبايديهم الأسلحة والعصي وذهبوا إلى بركة الازبكية حتى ملؤها وأرسل الباشا إلى مصر لعتيقة فحمل جمالا من البقسماط والذخيرة والجبخانة وأخذ غلاله من عرصة الرميلة وطلع عمر بك الانؤدي الساكن ببولاق عند الباشا بالقلعة ثم أن محمد علي باشا والمشايخ كتبوا مراسلة إلى عمر بك وصالح أغا قوش المعضدين لاحمد باشا المخلوع يذكرون لهما ما اجتمع عليه رأي الجمهور من عزل الباشا ولاينبغي مخالفتهم وعنادهم لما يترتب على ذلك من الفساد العظيم وخراب الإقليم فأرسلا يقولان في الجواب: أرونا سندا شرعيا في ذلك فاجتمع المشايخ في يوم الخميس سادس عشرة ببيت القاضي ونظموا سؤالا وكتب عليه المفتون وارسلوه إليهم فلم يتعقلوا ذلك واستمروا على خلافهم وعنادهم ونزل كثير من اتباع الباشا بثيابهم إلى المدينة وانحل عنه طائفة الينكجرية ولم يبق معه إلا طوائف الارنؤد المغرضون لصالح أغا قوش وعمر أغا.
وفي هذه الأيام حضر محمد بك الألفي ومن معه من أمرائه وعربانه وانتشروا جهة الجيزة واستقر الألفي بالمنصورية قرب الاهرام وانتشرت اتباعه إلى الجسر الأسود وأرسل مكاتبه إلى السيد عمر أفندي والشيخ الشرقاوي ومحمد علي باشا يطلب له جهة يستقر فيها هو واتباعه فكتبوا له بان يختار له جهة يرتاح فيها ويتانى حتى تسكن الفتنة القائمة بمصر واستمر أحمد باشا المخلوع ومن معه على الخلاف والعناد وعدم النزول من القلعة ويقول: لا أنزل حتى يأتيني أمر من السلطان الذي ولاني وأرسل.