داره وأحضروا له من عالجه حتى برىء بعد شهور وفرحوا بعافيته ودعاه بعض احبابه بناحية قناطر السباع فركب وذهب إليه وكانت أول ركباته بعد برئه فلما طلع إلى المجلس وأراد الصعود إلى مرتبه الجلوس زلقت رجله فانكسر عظم ساقه وتكدر الحاضرون وحملوه وذهبوا به إلى داره وأحضروا له المعالج فلم يحسن المعالجة وتألم تألما كثيرا واستمر ملازما للفراش نحو سبع سنوات ثم توفي يوم الأربعاء سابع عشر رجب من السنة عن سبع وسبعين سنة ودفن بتربة الأزبكية وتعين بعده في المشيخة والافتاء ولده المحقق العلامة المستعد الشيخ إبراهيم ادام الله النفع بحياته وحفظ عليه أولاده.
ومات الأجل الامثل المفوه المنشىء النبيه الفصيح المتكلم عثمان أفندي ابن سعد العباسي الانصاري من ولد آخر الخلفاء العباسية بمصر المتوكل على الله ووالده يعرف بالانصاري من جهة النساء من بيت السيادة والخلافة ولد بمصر وبها نشأ واشتغل بالعلم على فضلاء الوقت ومهر في الفنون بذكائه وعانى الحساب والنجوم فأخذ منها حظا ونزل كاتب سر في ديوان بعض الأمراء ولامه بعض محبيه في ذلك فاعتذر أنه إنما قدم عليه صيانة لبعض بلاده وضياعه التي استولت عليها أيدي الظلمة فلا محيد له عن عشرتهم واجتمع بشيخنا الشيخ محمود الكردي وأراد السلوك في طريق الخلوتية وترك شرب الدخان ولازمه كثيرا وتلقن الاسم الأول والأوراد واقلع عما كان عليه حتى لاحت عليه انوار ملازمته واعتقده جدا وبعد وفاة الأستاذ رجع إلى حالته وشرب الدخان ثم ولى خليفة على غلال الحرمين فباشرها بشهامة ثم ولي روزنامة مصر بصرامة وقوة مراس وشدة ومخادعة وراج أمره واتسع حاله وزادت حشمته وذلك بعد عزل أحمد أفندي أبي كلبة وقبل وفاة السيد محمد أفندي الكماخي الروزنامجي وثقل أمره على باقي الكتبة والناس فاوغروا عليه وعزلوه فضاق صدره وزاد قلقه وحدث فيه بعض رعونة وتردد لمشاهد الاولياء في الليل والنهار