العاضد مكانه ابن أخيه صلاح الدين وقلده الأمور ولقبه الملك الناصر فبذل لله همته وأعمل حيلته وأخذ في إظهار السنة واخفاء البدعة. فثقل أمره على الخليفة العاضد فابطن له فتنة أثارها في جنده ليتوصل بها إلى هزيمة الأكراد واخراجهم من بلاده فتفاقم الأمر وانشقت العصا ووقعت حروب بين الفريقين أبلى فيها الناصر يوسف وأخوه شمس الدولة بلاء حسنا وانجلت الحروب عن نصرتهما فعند ذلك ملك الناصر القصر وضيق على الخليفة وحبس أقاربه وقتل أعيان دولته واحتوى على ما في القصور من الذخائر والأموال والنفائس بحيث استمر البيع فيه عشر سنين غير ما اصطفاه صلاح الدين لنفسه.
وخطب للمستضيء العباسي بمصر وسير البشارة بذلك إلى بغداد ومات العاضد قهرا وأظهر الناصر يوسف الشريعة المحمدية وطهر الاقليم من البدع والتشييع والعقائد الفاسدة وأظهر عقائد أهل السنة والجماعة وهي عقائد الأشاعرة والماتريدية وبعث إليه أبو حامد الغزالي بكتاب ألفه له في العقائد فحمل الناس على العمل بما فيه ومحا من الاقليم مستنكرات الشرع وأظهر الهدي ولما توفي نور الدين الشهيد انضم إليه ملك الشام وواصل الجهاد وأخذ في استخلاص ما تغلب عليه الكفار من السواحل وبيت المقدس بعد ما أقام بيد الافرنج نيفا وإحدى وتسعين سنة وأزال ما أحدثه الافرنج من الآثار والكنائس.
ولم يهدم القمامة اقتداء بعمر رضي الله عنه وافتتح الفتوحات الكثيرة واتسع ملكه ولم يزل على ذلك إلى أن توفي سنة تسع وثمانين وخمسمائة ولم يترك إلا أربعين درهما وهو الذي انشأ قلعة الجبل وسور القاهرة العظيم. وكان المشد على عمائره بهاء الدين قراقوش ثم استمر الأمر في أولاده وأولاد أخيه الملك العادل وحضر الافرنج أيضا إلى مصر في أيام الملك الكامل بن العادل وملكوا دمياط وهدموها فحاربهم.