في الشهر المبارك فيكون الإنسان نائما في بيته ومتفكرا في قوت عياله فيدهمه الطلب ويأتيه المعين قبل الشروق فيزعجه ويصرخ عليه بل ويطلع إلى جهة حريمه فينتبه كالمفلوج من غير اصطباح ويلاطف المعين ويعده ويأخذ بخاطره ويدفع له كراء طريقة المرسوم له في الورقة المعين بها المبلغ المطلوب قبل كل شيء فما يفارقه إلا ومعين آخر وأصل إليه على النسق المتقدم وهكذا.
وفيه حضر محمد كتخدا شاهين بك الألفي بجواب عن مراسلة ارسلها الباشا إلى مخدومه فأقام أياما يتشاور مع الباشا في مصلحته مع شاهين بك وحصل الإتفاق على حضور شاهين بك إلى الجزيرة ويتراضى مع الباشا على أمر وسافر في ثاني عشره وصحبته صالح أغا السلحدار.
وفي يوم الخميس ثامن عشره قصد الباشا نفي رجب أغا الأرنؤدي وأرسل إليه يأمره بالخروج والسفر بعد أن قطع خرجه واعطاه علوفته فامتنع من الخروج وقال: أنا لي عنده خمسون كيسا ولا اسافر حتى اقبضها وذلك أنه في حياة الألفي الكبير اتفق مع الباشا بأن يذهب عند الألفي وينضم إليه ويتحيل في اغتياله وقتله فان فعل ذلك وقتله وتمت حيلته عليه اعطاه خمسين كيسا فذهب عند الألفي والتجأ إليه واظهر أنه راغب في خدمته وكره الباشا وظلمه فرحب به وقبله واكرمه مع التحذر منه ظلما طال به الأمد ولم يتمكن من قصده رجع إلى الباشا فلما أمره بالذهاب أخذ يطالبه بالخمسين كيسا من فامتنع الباشا وقال: جعلت له ذلك في نظير شيء يفعله لم يخرج من يده فعله فلا وجه لمطالبته به واستمر رجب أغا في عناده وذلك أنه لا يهون بهم مفارقة مصر التي صاروا فيها أمراء وأكابر بعد أن كانوا يحتطبون في بلادهم ويتكسبون بالصنائع الدنيئة ثم أنه جمع جيشه إليه من الأرنؤد بناحية سكنه وهو بيت حسن كتخدا الجربان بباب اللوق فأرسل إليه الباشا من يحاربه فحضر حسن أغا سرششمة من ناحية قنطرة باب الخرق وحضر أيضا الجم الكثير من الأتراك وكبرائهم من جهة المدابغ وعمل كل منهم متاريس من الجهتين وتقدموا