وفيه قوى عزم الباشا على السفر إلى جهة دمياط ورشيد والاسكندرية فطلب لوازم السفر ووعد بسفره بعد قطع الخليج وطفق يستعجل بالوفاء ويطلب ابن الرداء المقياسي ويسأله عن الوفاء ويقول: اقطعوا جسر الخليج وفي غد أو بعد غد فيقول: تأمرونا بقطعه قبل الوفاء فيقول: لا ويقول: ليس الوفاء بأيدينا.
فلما كان يوم السبت سابع عشرينه وخامس عشر مسرى القبطي نقص النيل نحو خمسة أصابع وانكشف الحجر الراقد الذي عند فم الخليج تحت الحجر القائم فضج الناس ورفعو الغلال من الرقع والعرصات والسواحل وانزعجت الخلائق بسبب شحة النيل في العام الماضي وهيفان الزرع وموع المظالم وخراب الريف وجلاء أهله واجتمع في ذلك اليوم المشايخ عند الباشا فقال لهم: اعملوا استسقاء وأمروا الفقراء والضعفاء والأطفال بالخروج إلى الصحراء وادعوا الله فقال له: الشيخ الشرقاوي ينبغي أن ترافقوا بالناس وترفعوا الظلم فقال: أنا لست بظالم وحدي وأنتم اظلم منى فإني رفعت عن حصتكم الفرض والمغارم اكراما لكم وأنتم تأخذونها من الفلاحين وعندي دفتر محرر فيه ما تحت أيديكم من الحصص بلغ الفي كيس ولا بد إني افحص عن ذلك وكل ما وجدته يأخذ الفرضة المرفوعة من فلاحيته ارفع الحصة عنه فقالوا له: ذلك ثم اتفقوا على الخروج والتقيا في صبحها بجامع عمرو بن العاص لكونه محل الصحابة والسلف الصالح يصلون به صلاة الاستسقاء ويدعون الله ويستغفرونه ويتضرعون إليه في زيادة النيل وبالجملة ركب السيد عمر والمشايخ وأهل الأزهر وغيرهم والأطفال واجتمع عالم كثير وذهبوا إلى الجامع المذكور بمصر القديمة فلما كان صبحها وتكامل الجمع صعد الشيخ جاد المولى على المنبر وخطب بعد أن صلى الاستسقاء ودعا الله وامن الناس على دعائه وحول رداءه ورجع الناس بعد صلاة الظهر وبات السيد عمر هناك