ما لا يحصى وجرى مجرى البحر الشرقي وغزر ماؤه وجرت فيه السفن من دمياط بعد أن كان مخاضه وملحت عذوبة النيل بما انعكس فيه وخالطه من ماء البحر الملح إلى قبلي فارس كور وأقام بالسد عمر بك تابع الاشقر لخفارته وتعهد الخلل وكتم الجسر من النشع والتنفيس وسكن هناك ولم يفارقه واستمر في هذه الوظيفة والخدمة ولم يقم بمصر.
وفي هذا الشهر وما قبله تشحطت الغلال وغلا سعرها حتى بلغ الاردب القمح الفا وستمائة نصف فرضة وعز وجوده بالرقع والعرصات وأما السواحل فلا يكاد يوجد بها شيء من الغلة بطول السنة ولولا لطف الله بوجود الذرة لهلكت الخلائق ومع ذلك استمرار المغارم والفرض حتى فرض الغلة عين وكذلك تبن وجمال وما ينضاف إلى ذلك مما سمعته غير مرة مما يطول شرحه.
وفيه نودي على صرف الفرانسة والمحبوب والمجر كما نودي في العام الماضي لأنه لما نودي بنقص صرفها ومضى نحو الشهر أو الشهرين رجع الصرف إلى ماكان عليه وزيادة فأعيد النداء كذلك وسيعود الخلاف ما دام الكرب والضيق بالناس على أن هذه المناداة والأوامر بالنقص والزيادة ليست من باب الشفقة على الناس ولا الرحمة وإنما هي بحسب اغراضهم وزيادة طمعهم فإنه إذا توجهت المطالبات بالفرض والمغارم نودي بالنقص ليزيد الفرط وتتوفر لهم الزيادة ويحصل التشديد والمعاقبة على من يقبض بالزيادة من أهل الأسواق وإذا كان الدفع من خزانتهم في علائف العسكر أو لوازمهم الكبيرة قبضوها بأزيد من الزيادة التي نادوا عليها من غير مبالاة ولا احتشام تناقض مالنا إلا السكوت عنه.