ناحية فلا يرد أحدا ويستقبلهم بالبشاشة وينزلهم في داره ويطعمهم ويكرمهم ويستمرون في ضيافته حتى يقضى حوائجهم ويزودهم ويرجعون إلى اوطانهم مسرورين ومجبورين وشاكرين ثم يكافئونه بما امكنهم من المكافآت وإذا وصلت إليه هدية وصادف وصولها حضوره بالمنزل فرق منها على من بمجلسه من الحاضرين فبذلك انجذبت إليه القلوب وساد على اقرانه ومعاصريه ولما حضر حسن باشا الجزايرلي إلى مصر وارتحل الأمراء المصريون إلى الصعيد وأحاط بدورهم وطلب الأموال من نسائهم وقبض على أولادهم وجواريهم وامهات أولادهم وانزلهم سوق المزاد التجأ إلى المترجم الكثير من نساء الأمراء الأمراء الكبار فآواهن واجهد نفسه في السعي في حمايتهن والرفق بهن ومواساتهن مدة إقامة حسن باشا بمصر وبعدها في إمارة إسمعيل بك فلما رجع ازواجهن بعد الطاعون إلى امارتهم ازداد قدر المترجم عندهم وقبوله ومحبته ووجاهته واشتهر عندهم بعدم قبوله الرشوة ومكارم الاخلاق والديانة والتورع فكان يدخل إلى بيت الأمير ويعبر إلى محل الحريم ويجلس معهن وينسرون بدخوله عندهن ويقولون: زارنا ابونا الشيخ وشاورنا ابانا الشيخ فأشار علينا بكذا ونحو ذلك ولم يزل مع الجميع على هذه الحالة إلى أن طرقت الفرنساوية البلاد المصرية واخرجوا منها الأمراء وخرج النساء من بيوتهن وذهبن إليه أفواجا أفواجا حتى امتلأت داره وما حولها من الدور بالنساء فتصدي لهن المترجم وتداخل في الفرنساوية ودافع عنهن واقمن بداره شهورا وأخذ أمانا لكثير من الأجناد المصرية وأحضرهم إلى مصر وأقاموا بداره ليلا ونهارا واحبه الفرنساوية أيضا وقبلوا شفاعاته ويحضرون إلى داره ويعمل لهم الولائم وساس أموره معهم وقرروه في رؤساء الديوان الذي رتبوه لاجراء الاحكام بين المسلمين ولما نظموا أمور القرى والبلدان المصرية على النسق الذي جعلوه رتبوا على مشايخ كل بلد شيخا ترجع أمور البلدة ومشايخها إليه وشيخ المشايخ المترجم مضافا ذلك لمشيخة الديوان وحاكمهم