بالغلال وارسلها إلى الاسكندرية ليبيعها على الافرنج فباع عليهم ازيد من مائتي ألف اردب كل اردب بمائة قرش وسعرها بمصر ثمانية عشر قرشا وهو لم يشترها ولم تكن عليه بمال بل أخذها من زراعات الفلاحين من أصل مافرضه عليهم من الظلم مع تطفيف الكيل عليهم والزامهم بكلفة شيله واجره نقله إلى المحل الذي يلزمونهم بوضعه فيه وأخذ من الافرنج في ثمنه أصناف النقود من الذهب المشخص البندقي والمجر والفرانسة وعروض البضائع من الجوخ المتنوعة والدودة التي يقال لها: القرمز والقزدير وأصناف البضائع الافرنكية واحدث وهو بالاسكندرية احداثا ومكوسا.
واستهل شهر ذي الحجة الحرام بيوم الأحد سنة ١٢٢٥
في ثاني عشرينه حضر الباشا من الاسكندرية إلى مصر وذلك يوم الجمعة أواخر النهار وحضر في العشية إلى بيت الازبكية وبات عند حريمه وطلع في صبح يوم السبت إلى القلعة وضربوا مدافع كثيرة لحضوره وبذلك علم الناس حضوره وانقضت السنة بحوادثها التي قصصنا بعضها إذ لا يمكن استيفاؤها للتباعد عن مباشرة الأمور وعدم تحققها على الصحة وتحريف النقلة وذياتهم ونقصهم في الرواية فلا اكتب حادثه حتى اتحقق صحتها بالتواتر والاشتهار وغالبها من الأمور الكلية التي لا تقبل الكثير من التحريف وربما اخرت قيد حادثة حتى اثبتها ويحدث غيرها وانساها فأكتبها في طيارة حتى افيدها في محلها إن شاء الله تعالى عند تهديب هذه الكتابة وكل ذلك من تشويش البال وتكدر الحال وهم العيال وكثرة الاشتغال وضعف البدن وضيق العطن.
ومن حوادثها احداث عدة مكوس زيادة على ما احدث على الأرز الكتان والحرير والحطب والملح وغير ذلك مما لم يصل الينا خبره حتى غلت اسعارها إلى الغاية وكان سعر الدرهم الحرير نصفين فصار بخمسة عشر نصفا وكنا نشتري القنطار من الحطب الرومي في أوانه بثلاثين نصفا وفي غير أوانه بأربعين نصفا فصار بثلثمائة نصف وكان الملح يأتي من أرضه بثمن