للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخرجونه بعد ذلك ويبردخونه ويصبغونه بأنواع الاصباغ ويضعونه في مكبس كبير يقال له التخت: صنعه لذلك وعند ذلك يتم عمله فكان الناس يذهبون للتفرج على ذلك لغرابته عندهم ثم حضر إليه شخص فرنساوي واشار عليه بإشارات في تغيير المدقات وافسد العمل واشتغل هو بكثرة المهمات فتكاسل عن اعادتها ثانيا وبطل ذلك وكان مع كثرة اشغاله ومصاريفه ليس كاتب بل يكتب ويحسب لنفسه وبين يديه عدة دفاتر لكل شيء دفتر مخصوص ولا يشغله شيء عن شيء ولما اتسعت دائرته وكثرت حاشيته واجتمعت فيه عدة مناصب مضافة لنظر المهمات مثل معمل البارود وقاعة الفضة ومدابغ الجلود وغير ذلك فكان كتخدا بك يحقد عليه في الباطن لأمور بينهما حتى قيل أن نفسه طمحت في الكتخدائية فكان يتصدر في الأمور والقضايا ويرافع ويدافع ويهزل مع الباشا ويضاحكه ويرادده ويدخل عليه من غير استئذان فلم يزل الكتخدا يلقي فيه الدسائس ويعمل معدل الاشغال التي تحت نظره ويعرف الباشا بما يتوفر من ذلك حتى نزعه من نظارة جميع المهمات وقلدها صالح كتخدا الرزاز.

ومما نقمه عليه أن الكتخدا حضر لزيارة المشهد الحسيني في عصرية يوم من رمضان ثم ركب متوجها إلى داره قبيل الغروب فصادف في طريقه عدة قصاع كبار مغطاءة تحملها الرجال فسأل عنها فعرفوه أن المترجم يرسلها في كل ليلة من ليالي رمضان إلى فقراء الجامع الأزهر وبها الثريد واللحم فامتعض من ذلك وعرف الباشا أنه يؤلف الناس ويتوادد إليهم بأموالك ونحو ذلك واستمر المترجم بطالا نحو السنتين ولم يتضعضع ولم يظهر عليه تغير ونظامه ومطبخه على حاله وطعامه مبذول وراتبه جار وفي تلك المدة اشتغل بمطالعة الكتب والممارسة والمدارسة وعانى الحسابيات وصناعة التقويم حتى مهر في ذلك وعمل الدستور السنوي وما يشتمل عليه من تقويم الكواكب السيارة وتداخل التواريخ والاهلة والاجتماعات

<<  <  ج: ص:  >  >>