مخدومك وذكر له أنه يقول لكم: إن قصده السفر إلى بلده وإنما قصده السفر إلى إسلامبول ليجتمع على مخدومه الأول لكونه تولى قبودان باشا ورياسة الدونانمة ويقول: عندما اكون بدار السلطنة افعل وافعل وأخبرهم بحقيقة هؤلاء وافاعيلهم وانقض عليهم امرهم وذكر له أيضا أنه استخرج من احكام النجوم التي يعانيها أن الباشا يحصل له نكبة بعد مدة عربيه ويحصل ما يحصل من الفتن فيريد الخروج من مصر قبل وقوع ذلك ونحو ذلك فلما رجع الباشا من سفرته توسل المنرجم بالكتخدا في أن يأخذ له اذنا من الباشا بالسفر وهو لا يعلم سريرته ففاوض الباشا في ذلك والقى إليه ما القاه حتى اوغر صدره منه ثم رد عليه بقوله إني أستاذنت الباشا فلم يسهل به مفارقتك وقال: إن كان عن ضيق في المعيشة فأطلق له في كل شهر كيسين عنها أربعون ألف نصف فضة فلما قال له ذلك قال: أنا لا يكفيني هذا المقدار فان كان فيطلق لي خمسة أكياس فقال: لم يرض بأزيد مما ذكرته لك وكل ذلك مخادعة من الكتخدا ليحقق ما حشده في صدر مخدومه وما زال يتردد في طلب الاذن حتى اذن له واضمر له القتل بعد خروجه من مصر فعند ذلك باع داره وما استجده حولها والبستان خارج قناطر السباع وما زاد عن حاجته من الأشياء والامتعة واشترى عبيدا وجواري وقضى لوازمه وسافر إلى رشيد فعندما مضى من نزوله يومان أو ثلاثة كتبوا إلى خليل بك حاكم الاسكندرية مرسوما بقتله فبلغه خبر ذلك وهو بثغر رشيد فلم يصدقه وقال: اي ذنب استوجب به القتل ولو أراد قتلي ما الذي يمنعه منه وأنا عنده بمصر وأنا سافرت بإذنه وودعته وقبلت يديه وطرفه وأخذت خاطره وهو مبشوش معى كعادته فلما حصل بالاسكندرية واستقر بالسفينة ومضى أيام وهم ينتظرون اعتدال الريح والاذن من الحاكم بالاقلاع ووصل المرسوم إلى خليل بك فأرسل إليه في وقت يدعوه ليتغدى معه في رأس التين ونظر إلى خليل بك وهو واقف في انتظاره على بعد منه فوق علوة فاجاب وخرج