الدخول إلى المدينة في الصباح لقضاء اشغالهم والرجوع اخريات النهار مع تعدي اذاهم للباعة والخمارة وغيرهم ولما غدر الباشا باحمد أغا لاظ وقتله في أواخر رمضان ولم يبق أحد ممن يخشى سطوته وسافر عابدين بك في شوال وارتحل بعده بنحو شهر مصطفى بك داني باشا وصحبته عدة وافرة من العسكر ثم سافر أيضا يحيى أغا ومعه نحو الخمسمائة وهكذا كل قليل ترحل طائفة بعد أخرى والعرضي كما هو وميدان الرماحة كذلك ولما وصل بونابارته إلى ينبع البر أخذوا في تأليف العربان واستمالتهم وذهب إليهم ابن شديد الحويطي ومن معه وتقابلوا مع شيخ حرب ولم يزالوا به حتى وافقهم وحضروا به إلى بونابارتة فأكرمه وخلع عليه الخلع وكذلك على من حضر من أكابر العربان فألبسهم الكساوى والفراوى السمور والشالات الكشميري ففرق عليهم من الكشمير ملء أربع سحاحير وصب عليهم الأموال واعطى لشيخ حرب مائة ألف فرانسة عين وحضر باقي المكشايخ فخلع عليهم وفرق فيهم فخص شيخ حرب بمفرده ثمانية عشر ألف فرانسة ثم رتب لهم علائف تصرف لهم في كل شهر لكل شخص خمسة فرانسة وغرارة بقسماط وغرارة عدس فعند ذلك ملكوهم الأرض والذي كان متأمرا بالمدينة من جنسهم فاستمالوه أيضا وسلم لهم المدينة وكل ذلك بمخامرة الشريف غالب أمير مكة وتدبيره واشارته فلما تم ذلك اظهر الشريف غالب ارمره وملكهم مكة والمدينة وكان ابن مسعود الوهابي حضر في الموسم وحج ثم ارتحل إلى الطائف وبعد رحيله فعل الشريف غالب فعله وسيلقى جزاءه ولما وصلت البشائر بذلك في يوم الثلاثاء سابعه ضربوا مدافع كثيرة ونودى في صبح ذلك بزينة المدينة ومصر وبولاق فزينوا خمسة أيام أولها الأربعاء وآخرها الأحد وقاسى الناس في ليالي هذه الأيام العذاب الاليم من شدة البرد والصقيع وسهر الليل الطويل وكان ذلك في قوة فصل الشتاء وكل صاحب حانوت جالس فيها وبين يديه مجمرة نار يتدفأ ويصطلي بحرارتها وهو ملتف بالعباءة