فترجى فيه الكتخدا والحاضرون فامر به فبطحوه وأمر القواسة الاتراك بضربه فضربوه بالعصي المفضضة التي بأيديهم بعد أن ضربه هو بيده عدة عصي وشج جبهته حتى اتو عليه ثم اقاموه والبسوه فروته وحملوه وهو مغشي عليه واركبوه حمارا وأحاط به خدمه واتباعه حتى أوصلوه إلى منزله وأرسل معه جماعة من العسكر يلازمونه ولا يدعونه يدخل إلى حريمه ولا يصل إليهم منه أحد وركب في أثره محمود بك الدويدار بأمر الباشا وعبر داره ودار أخيه عثمان أفندي المذكور وأخذه صحبته إلى القلعة وسجنوه وأما ولده واخواه فانهم تغيبوا من وقت الطلب واختفوا ونزل في اليوم الثاني إبراهيم أغا آغات الباب يطالبه بغلاق ثمانمائة كيس وقتئذ فقال له: وكيف احصل شيئا وأنا رجل ضعيف واخي عثمان عندكم في الترسيم وهو الذي يعينني ويقضى اشغالي وأخذتم دفاتري المختصة بأحوالي مع ما أخذتموه من الدفاتر فأقام عنده إبراهيم أغا برهة ثم ركب إلى الباشا وكلمه في ذلك فأطلقوا له اخاه ليسعى في التحصيل.
وفي حادي عشره عدى الباشا إلى بر الجيزة بقصد السفر إلى بلاد الفيوم وأخذ صحبته كتبة مباشرين مسلمين ونصارى واشاع أن سفره إلى الصعيد ليكشف على الأراضي وروكها وارتحل في ليلة الثلاثاء ثالث عشره بعد أن وجه ابنه إسمعيل إلى الديار الرومية في تلك الليلة بالبشارة.
وفي خامس عشرينه حضر لطيف أغا راجعا من إسلامبول وكان قد توجه ببشارة فتح الحرمين وأخبروا أنه لما وصل إلى قرب دار السلطنة خرج لملاقاته الأعيان وعند دخوله إلى البلدة عملوا له موكبا عظيما مشى فيه أعيان الدولة وأكابرها وصحبته عدة مفاتيح زعموا أنها مفاتيح مكة وجدة والمدينة وضعها على صفائح من الذهب والفضة وإمامها البخورات في مجامر الذهب والفضة والعطر والطيب وخلفهم الطبول والزمور وعملوا لذلك شنكا ومدافع وانعم عليه السلطان واعطاه خلعا وهدايا وكذلك أكابر الدولة وانعم عليه الخنكار بطوخين وصار يقال له: لطيف باشا.