للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعاشرة الفضلاء ومجالستهم والمناقشة معهم في النكات واقتناء الكتب من كل فن كل ذلك مع الجد والتحصيل للأسباب الدنيوية وما يتوصل به إلى كثرة الايراد بحسن تداخل وجميل طريقة مبعدة عما يخل بالمقدار بحيث يقضى مرامه من العظيم وجميل الفضل له ويراسل ويكاتب ويشاحح على أدنى شىء ويحاسب ولا يدفع لأرباب الاقلام عوائدهم المقررة في الدفاتر بل يرون أخذها منه من الكبائر وكذلك دواوين المكوس المبني على الاجحاف فكل ما نسب له فيها فهو معاف وكلما طال الامد زاد المدد وخصوصا إذا تقلبت الدول وارتفعت السفل كان الاسبق القديم في اعينهم هو الجليل العظيم وهم لديه صغار لا ينظر إليهم إلا بعين الاحتقار ولما انقرضت بقايا الشيوخ الذين كان يهابهم ويخضع لهم ويتأدب معهم وكانوا على طرائق الاقدمين في العفة والانجماع عما يخل بتعظيم العلم وأهله والتباعد عن بني الدنيا إلا بقدر الضرورة وخلف من بعدهم من هم على خلاف ذلك وهم اعاظم مدرسي الوقت فاحدقوا به وأكثروا من الترداد عليه وعلى موائده وبالغوا في تعظيمه وتقبيل يده ومدحوه بالقصائد البليغة طمعا في صلاته وجوائزه القليلة وحصول الشهرة لهم وزوال الخمول والتعارف بمن يتردد إلى داره من الأمراء والأكابر وزاد هو أيضا وجها ووجاهة بمجالستهم ولا يريهم فضلا بسعيهم إليه ويزداد كبرا وتيها وبلغ به أنه لا يقوم لأكثرهم إذا دخل عليه وقتهم من يدخل بغاية الأدب فيضم ثيابه ويقول عند مشاهدته: يا مولاي يا واحد فيجيبه هو بقوله يا مولاي يا دائم يا علي يا حكيم فإذا حصل بالقرب منه بنحو ذراعين حبا على ركبتيه ومد يمينه لتقبيل يده أو طرف ثوبه وأما الادون فلا يقبل طراف ثوبه وكذلك اتباعه وخدمه الخواص وإذا كان من أهل الذمة أو كبار المباشرين وقبلوا يده وخاطبهم في أشغاله وهم قيام وانصرف فوا طلب الطشت والأبريق وغسل يده بالصابون لازالة ءاثر افواههم ولا يجيب في رد التحية إلا بقول خير خير ولا يقطع غالب أوقاته مع مجالسيه وخاصته ومسامريه إلا بانتقاد

<<  <  ج: ص:  >  >>