خلاف ذلك فوائد ولما حضر حسن باشا الجزايرلي إلى مصر على رأس القرن وخرج الأمراء المصريون إلى الجهة القبلية واستباح أموالهم وقبض على نسائهم وأولادهم وأمر بإنزالهم سوق المزاد وبيعهم زاعما أنهم ارقاء المال وفعل ذلك فاجتمع الأشياخ وذهبوا إليه فكان المخاطب له المترجم قائلا له أنت اتيت إلى هذه البلدة وارسلك السلطان إلى إقامة العدل ورفع الظلم كما تقول أو لبيع الاحرار وامهات الأولاد وهتك الحريم فقال: هؤلاء ارقاء لبيت المال فقال له: هذا لا يجوز ولم يقل به أحد فاغتاظ غيظا شديد وطلب كاتب ديوانه وقال له: أكتب أسماء هؤلاء وأخبر السلطان بمعارضتهم الأوامره فقال له: السيد محمود البنوفري اكتب ما تريد بل نحن نكتب اسمانا بخطنا فافحم وانكف عن إتمام قصده وأيضا نتبع أموالهم وودائعهم وكان إبراهيم بك الكبير قد اودع عند المترجم وديعة وكذلك مراد بك اودع عند محمد أفندي البكري وديعة وعلم ذلك حسن باشا فأرسل عسكرا إلى السيد البكري فلم تسعه المخالفة وسلم ما عنده وأرسل كذلك يطلب من المترجم وديعة إبراهيم بك فامتنع من دفعها قائلا أن صاحبها لم يمت وقد كتبت على نفسي وثيقة فلا اسلم ذلك ما دام صاحبها في قيد الحياة فاشتد غيظ الباشا منه وقصد البطش به فحماه الله منه ببركة الانصار للحق فكان يقول: لم أر في جميع الممالك التي ولجتها من اجترا على مخالفتي مثل هذا الرجل فإنه احرق قلبي ولما ارتحل من مصر ورجع المصريون إلى دولتهم حصل من مراد بك في حق السيد البكري ما حصل وغرمه مبلغا عظيما باع فيه اقطاعه في نظير تفريطه في وديعته واحتج عليه بامتناع نظيره وحصل له قهر تمرض بسببه وتسلسل به المرض حتى مات ويقال: إن مراد بك أرسل إليه الحكيم ودس له السم في العلاج ثم مات رحمه الله وكانت منه هفؤة ولا بد للجواد من كبوة ومن لم ينظر في العواقب فليس له الدهر بصاحب حتى قيل أنه هو الذي عرف حسن باشا عن ذلك لينال به زيارة في الحظوة عنده ويترك منها حصة لنفسه