طوسون باشا مع الشريف غالب على المصادقة والمسالمة والمصافاة وجدد معه العهود والإيمان في جوف الكعبة بأن لا يخون أحد صاحبه وكان الباشا يذهب إليه في قلة وهو الآخر ياتي إليه والى ابنه كذلك واستمروا على ذلك خمسة عشر يوما من ذي القعدة دعاه طوسون باشا إليه فأتى إليه كعادته في قلة فوجد بالدار عساكر كثيرة فعند ما استقر به المجلس وصل عابدين بك في عدة وافرة وطلع إلى المجلس فدنا منه وأخذ الجنبية من حزامه وقال له: أنت مطلوب للدولة فقال: سمعا وطاعة ولكن حتى اقضى اشغالي في ظرف ثلاثة أيام واتوجه فقال: لا سبيل إلى ذلك والسفينة حاضرة في انتظارك فحصل في جماعة الشريف وعبيده رجة وصعدوا على ابراج سرايته وأرادوا الحرب فأرسل إليهم الباشا يقول لهم: إن وقع منكم حرب احرقت البلدة وقتلت أستاذكم وأرسل لهم أيضا الشريف يكفهم عن ذلك وكان بها أولاده الثلاثة فحضر إليهم الشيخ أحمد تركي وهو من خواص الشريف وخدمهم وقال لهم: لم يكن هناك باس وإنما والدكم مطلوب في مشاورة مع الدولة ويعود بالسلامة وحضرة الباشا يريد أن يقلد كبيركم نيابة عن أبيه إلى حين رجوعه ولم يزل حتى انخدع كبيرهم لكلامه وقاموا معه فذهب بهم إلى محل خلاف الذي به والدهم محتفظا بهم وفي الوقت أحضر الباشا الشريف يحيى بن سرور وهو ابن اخي الشريف غالب وخلع عليه وقلده إمارة مكة ونودي في البلدة بإسمه وعزل الشريف غالبا حسب الأوامر السلطانية واستمر الشريف غالب أربعة أيام عند طوسون باشا ثم اركبوه وأصحبوا معه عدة من العسكر وذهبوا به وبأولاده إلى بندر جدة وانزلوهم السفينة وساروا بها من ناحية القصير من صعيد مصر وحضر كما ذكر.
وفي يوم الأربعاء وصل قاصد من الديار الرومية وعلى يده مثالان فعمل كتخدا بك ديوانا في صبيحة يوم الخميس حادي عشرينه وقرئ ذلك وهما مثالان يتضمن احدهما التقرير لمحمد علي باشا على ولاية مصر على