فخرج منها في أوائل شوال وكذلك سافر القاضيان إلى الحجاز بصحبة الباشا وعند ذلك بيضوها وزادوا في زخرفتها وفرشوها بأنواع الفرش الفاخرة ونقلوا إليها جهاز العروس والصناديق وما قدم إليها من الهدايا والامتعه والجواهر والتحف من الأعيان وحريماتهم حتى من نساء الأمراء المصريين المنكوبين وقد تكلفوا فوق طاقتهم وباعوا واستدانوا وغرموا في النقوط والتقادم والهدايا في هذين المهمين ما أصبحوا به مجردين ومديونين وكان إذا قدمت إحدى المشهورات منهن هديتها عرضوها على أم العروسين التي هي زوجة الباشا فقلبت ما فيها من المصاغ المجوهر والمقصبات وغيرها فإن اعجبتها تركتها وإلا امرت بردها قائلة هذا مقام فلانة التي كانت بنت أمير مصر أو زوجة فتتكلف المسكينة للزيادة ونحو ذلك مع ما يلحقها من كسر الخاطر وانكساف البال ثم ادخلوا العروس إلى تلك الدار عندما وصلت بالزفة.
ومما حصل أنه قبل مرور موكب الزفة بيومين طاف أصحاب الشرطة ومعهم رجال وبأيديهم مقياس فكلما مروا بناحة أو طريق يضيق عن القياس هدموا ما عارضهم من مساطب الدكاكين أو غيرها من الجهتين لاتساع الطريق لمرور العربات والملاعيب وغيرها فأتلفوا كثير من الابنية ونودي في يوم الأربعاء بزينة الحوانيت والطرق التي تمر عليها الزفة بالعروس.
ومما حصل من الحوادث السماوية أن في يوم الخميس المذكور عندما توسطت الزفة في مرورها بوسط المدينة اطبق الجو بالغيام وامطرت السماء مطرا غزيرا حتى تبحرت الطرق وتوحلت الأرض وابتلت الخلائق من النساء والرجال المجتمعين للفرجة وخصوصا الكائنين بالسقائف وفوق الحوانيت والمساطب وأما المتعينون للمشي في الموكب ولابد الذين لامفر لهم من ذلك ولا مهرب فاختل نظامهم وابتلت ثيابهم وتكدرت طباعهم وانتقضت اوضاعهم وزادت وساوسهم وتلفت ملابسهم وهطل الغيث على الابريسم والحرير والشالات الكرخانة والسليمي والكشمير