السبت ومن لا يريد الخروج فلا يخرج بعد ذلك ومن خرج فلا يدخل وامهلوهم إلى الغروب فخرجوا بأمتعتهم وأطفالهم وأولادهم وأوانيهم إلى خارج البلدة وبات الأكثر منهم تحت السماء لضيق الوقت على الرحيل إلى بلدة أخرى وخرج أيضا الكثير من عساكرهم واتباعهم ممن لا يريد المقام والحبس فكانوا كلما وجدوا من حمل متاعه من أهل البلدة على حمار ليذهب إلى جهة يستقر بها رموا به إلى الأرض وأخذوا الحمار وحصل لأهل الجيزة في تلك الليلة ما لا مزيد عليه من الكر ب والجلاء عن اوطانهم وكل ذلك مجرد وهم مع قلة وجود الطعن إلا النزر السير.
وفي ثالث عشرينه سافرت خزينة المال المطلوبة إلى الباشا إلى جهة السويس وأصبحوا معها عدة كبيرة من عسكر الدلاة لخفارتها وقدرها الفان وخمسمائة كيس جميعها قروش.
شهر جمادي الأولى سنة ١٢٢٩
استهل بيوم الجمعة في ثالثه خرج حسن باشا بعساكره ونزل بعساكره ونزل بوطاقه وخيامه التي نصبت له بالعادلية قبل خروجه بيومين.
وفي رابعه وصلت هجانة من ناحية الحجاز بطلب حسين بك دالي باشا واخشاب واحتياجات وجمال والذي أخبر به المخبرون عن الباشا وعساكره وأن طوسون باشا وعابدين ركبوا بعساكرهم على ناحية تربة التي بها المرأة التي يقال لها: غالية فوقعت بينهم حروب ثمانية أيام ثم رجعوا منهزمين ولم يظفروا بطائل ولأن العربان نفرت طباعهم من الباشا لما حصل منه في حق الشريف من القبض عليه وهاجر الكثير من الاشراف وانضموا إلى الاخصام وتفرقوا في النواحي ومنهم شخص يقال له الشريف: راجح فأتى من خلف العسكر وقت قيام الحرب وحاربهم ونهب الذخيرة والاحمال وقطع عنهم المدد وأخبروا أن الجمال قل وجودها عند الباشا ويشتريها من العربان المسالمين له بأغلى ثمن وأخبروا أيضا أنه واقع بالحرمين غلاء شديد لقلة الجالب واحتكار الباشا للغلال الواصلة إليه