كانت تحت يد بعض مشايخ البلاد فلا يقدر أحد أن يتعدى عليه من الفلاحين ويستأجرها من صاحبها وأن فعل لا يقدر على حمايتها والكثير من الرزق واسعة القياس جدا وما لها قليل جدا وخصوصا في الأراضي القبلية فإن غالبها رزق وشراوي ومتأخرات لم تمسح ولم يعلم لها فدادين ولا مقادير وقد تزيد أيضا بانحسار البحر عن سواحلها وكذلك في البلاد البحرية ولكن دون ذلك ومعظم أراضي الرزق القبلية مرصدة على جهات الاوقاف بمصر وغيرها والواضعون أيديهم عليها لا يدفعون لجهاتها ولا لمستحقيها إلا ما هو مرتب ومقرر من الزمن والأول السابق وهو شئ قليل وليتهم لو دفعوه فإن في أوقاف السلاطين المتقدمة القطمة من الأراضي التي عبرتها أكثر من ألف فدان وخراجها خمسون زكيبة والزكيبة خمس ويبات أو من الدراهم الفان فضة واقل وأكثر وهي تحت يد بعض كبراء البلاد يزرعها ويأخذ منها الالوف من الاردب من اجناس الغلال ويضمن ويبخل بدفع ذاك القدر اليسير لجهة وقفه ويكسر السنة على السنة فإن كانت يد صاحب الاصل قوية أو كان واضع اليد فيه خيرية وقليل ما هم دفع لأربابها ثمنها بعد أن يرد الخمسين إلى الأربعين بالتكسير والخلط ثم يبخس الثمن جدا فإن كان ثمن الاردب أربعمائة حسبه بأربعين نصفا أو أقل فيعود ثمن الخمسين زكيبة إلى ثمن زكيبتين وقس على ذلك والذي يكون تحت يده شئ من اطيان هذه الاوقاف ورثها من بعده ذريته فزرعوها وتقاسموها معتقدين ملكيتها تلقوها بالارث من مورثهم ولا يرون أن لأحد سواهم فيها حقا ولايهون بهم دفع شئ لأربابه ولو قل الاقهرا وبالجملة ما اصاب الناس إلا ما كسبت أيديهم ولا جنوا لا ثمرات اعمالهم وكان معظم ادارات دوائر عظماء النواحي وتوسعاتهم ومضايفهم من هذه الأرزاق التي تحت أيديهم بغير استحقاق إلى أن سلط الله عليهم من استحوذ على جميع ذلك وسلب عنهم ما كانوا فيه من النعمة وتشتتوا في النواحي وتغربوا عن أوطانهم وخربت دورهم