القصير فغابوا في انتظاره حتى انقضى النهار ثم رجعوا.
وفي صبح اليوم الثاني خرجوا ثم عادوا إلى دورهم آخر النهار واستمروا على الخروج والرجوع ثلاثة أيام ولم يحضر زكثر لغط الناس عند ذلك واختلفت رواياتهم وأقاويلهم مدة أيام وليلا ونهارا ثم ظهر كذب هذا الخبر وأن الباشا لم يزل بأرض الحجاز وقيل أن سبب اشاعة خبر مجيئه أنه وصل إلى ساحل القصير سفينة بها سبعة عشر شخصا من العسكر فسألهم الوكيل الكائن بالقصير عن مجيئهم فأجابوه أنهم مقدمة الباشا وأنه وأصل في أثرهم فعندما سمع جوابهم أرسل خطابا إلى كاتب من الاقباط بقنا يعرفه بقدوم الباشا فكتب ذلك القبطي خطابا إلى وكيل شخص من أعيان كتبة الاقباط بأسيوط يسمى المعلم بشارة فعندما وصله الجواب أرسل جوابا إلى موكله بشارة المذكور بمصر ذلك الخبر وفي الحال طلع به إلى القلعة واعطاه لإبراهيم باشا فانتقل به إبراهيم باشا إلى مجلس كتخدا بك فخلع كتخدا بك على بشارة خلعة وأمر بضرب المدافع ونزلت المبشرون وانتشروا بالبشائر إلى بيوت الأعيان وأخذ البقاشيش ولما حصل التراخي والتباطؤ والتأخر في الحضور بعد الاشاعة أخذ الناس في اختلاف الروايات والاقاويل كعادتهم فمنهم من يقول: إنه حضر مهزوما ومنهم من يقول: مجروحا ومنهم من يثبت موته والشىء الذي اوجب في الناس هذه التخليطات وما شاهدوه من حركات أهل الدولة وانتقال نسائهم من المدينة وطلوعهم إلى القلعة بمتاعهم واخلاء الكثير منهم البيوت وانتقال طائفة الارنؤد من الدور المتباعدة واجتماعهم وسكناهم بناحية خطة عابدين وكذلك انتقل إبراهيم باشا إلى القلعة ونقل إليها الكثير من متاعه واغرب من هذا كله اشاعة اتفاق عظماء الدولة على ولاية إبراهيم باشا على الاحكام عوضا عن أبيه في يوم الخميس ويرتبوا له موكبا يركب فيه ذلك اليوم ويشق من وسط المدينة واجتمع الناس للفرجة عليه واصطفوا على المساطب والدكاكين فلم يحصل وظهر كذب ذلك كله وبطلانه واتفق