للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيام فطلع إلى القلعة وصار ينزل إلى بستان بطريق بولاق ظاهر التبانة عمره كتخدا بك وبنى به قصرا فيقيم به غالب الأيام الىي اقامها بمصر وانقضت السنة وما تجدد فيها من استمرار المبتدعات والمكوس والتحكير واهمال السوقة والمتسببين حتى عم غلو الاسعار في كل شئ حتى بلغ سعر كل صنف عشرة أمثال سعره في الأيام الخالية مع الحجر على الايراد وأسباب المعايش فلا يهنا بعيش في الجملة الأمن كان مكاسا أو في خدمة من خدم الدولة مع كونه على خطر فإنه وقع لكثير ممن تقدم في منصب أو خدمة أنه حوسب واهين والزم بما رافعوه فيه وقد استهلكه في نفقات نفسه وحواشيه فباع ما يملكه واستدان وأصبح ميؤسا مديونا وصارت المعايش ضنكا وخصوصا الواقع في اختلاف المعاملات والنقود والزيادة في صرفها واسعارها واحتجاج الباعة والتجار والمتسببين بذلك وبما حدث عليها من مال المكس مع طمعهم أيضا وخصوصا سفلة الأسواق وبياعي الخضارات والجزارين والزياتين فإنهم يدفعون ماهو مرتب عليهم للمحتسب مياومة ومشاهرة ويخلصون اضعافة من الناس ولا رادع لهم بل يسعرون لأنفسهم حتى أن البطيخ في أوان كثرته تباع الواحدة التي كانت تساوي نصفين بعشرين وثلاثين والرطل من العنب الشرقاوي الذي كان يباع في السابق بنصف واحد يبيعونه يوما بعشرة ويوما باثني عشر ويوما بثمانية وقس على ذلك الخوخ والبرقوق والمشمش وأما الزبيب والتين واللوز والبندق والجوز والأشياء التي يقال لها: اليميش التي تجلب من بلاد الروم فبلغت الغاية في الثمن بل قد لا يوجد في أكثر الأوقات وكذلك ما يجلب من الشام مثل الملبن والقمر الدين والمشمش الحموي والعناب وكذلك الفستق والصنوبر وغير ذلك ما يطول شرحه ويزداد بطول الزمان قبه.

ومات في هذه السنة العلامة الاوحد والفهامة الامجد محقق عصره ووحيد دهره الجامع لاشتات العلوم والمنفرد بتحقيق المنطوق والمفهوم

<<  <  ج: ص:  >  >>