للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كل مرة يوبخه بالكلام ويلومه على افعاله بالقول الخشن في ملا من الناس فذهب إلى الباشا وبالغ في الشكوى ويقول فيها: أنا نصحت في خدمة افندينا جهدي واظهرت من المخبات ما عجز عنه غيري فأجازي عليه من هذا الشيخ ما اسمعنيه من قبيح القول وتجبيهي بين الملا وإذا كان محبا لافندينا فلا يكره نفعه ولا النصح في خدمته وأمثال ذلك مما يخفي عنا خبره فمثل هذه الأمور هي التي اوغرت صدر الباشا على الدواخلي مع أنها في الحقيقة ليست خلافا عند من فيه قابلية للخير وأنا اقول أن الذي وقع لهذا الدواخلي إنما هو قصاص وجزاء فعله في السيد عمر مكرم فإنه كان من اكبر الساعين عليه إلى أن عزلوه واخرجوه من مصر والجزاء من جنس العمل كما قيل:.

فقل للشامتين بنا افيقوا ... سيلقى الشامتون كما لقينا

ولما جرى على الدواخلي ما جرى من العزل والنفي اظهر الكثير من نظرائه المتفقهين الشماتة والفرح وعملوا ولائم وعزائم ومضاحكات كما قيل:

أمور تضحك السفهاء منها ... ويبكي من عواقبها اللبيب

وقد زالت هيبتهم ووقارهم من النفوس وانهمكوا في الأمور الدنيوية والحظوظ النفسانية والوساوس الشيطانية ومشاركة الجهال في الماثم والمسارعة إلى الولائم في الافراح والمآتم يتكالبون على اسمطة كالبهائم فتراهم في كل دعوة ذاهبين وعلى الخوانات راكعين وللكباب والمحمرات خاطفين وعلى ما وجب عليهم من النصح تاركين.

وفي أواخره شرعوا في عمل مهم عظيم بمنزل ولي أفندي ويقال له: ولي جحا وهو كاتب الخزينة العامرة وهو من طائفة الارنؤد واختص به الباشا واستأمنه على الأمور وضم إليه دفاتر الايراد من جميع وجوه جبايات الأموال من خراج البلاد والمحدثات وحسابات المباشرين وانشا دارا عظيمة بخطة باب اللوق على البركة المعروفة بأبي الشوارب وادخل فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>