للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يوجد من أدواته شيئا بحسب التحجير الواقع على أرباب الاشغال واستعمال الجميع في عمائر الباشا وأكابر الدولة حتى أن الإنسان إذا احتاج لبناء كانون لا يجد من يبنيه ولايقدر على تحصيل صانع أو فاعل أو أخذ شئ من رماد الحمام إلا بفرمان ومن حصل شيئا من ذلك على طريق السرقة في غفلة وعثر عليه نكلوا به وبرئيس الحمام وحمير الباشا وهي ازيد من الفي حمار تنقل بالمزابل والسرقانيات طول النهار ما يوجد بالحمامات من الرماد وتنقل أيضا الطوب والدبش والاتربة وانقاض البيوت المنهدمة لمحل العمائر بالقلعة وغيرها فترى الأسواق والعطف مزدحمة بقطارات الحمير الذاهبة والراجعة وإذا هدم إنسان داره التي امروه بهدمها وصل إليه في الحال قطار من الحمير لأخذ الطوب الذي يتساقط إلا أن يكون من أهل القدرة على منعهم وربما كان هذه الأوامر حيلة على أخذ الانقاض وأما الاتربة فتبقى بحالها حتى في طرق المارة للعجز عن نقلها فترى غالب الطرق والنواحي مردومه بالاتربة وأما الهدم ونقل الانقاض من البيوت الكبار والدور الواسعة التي كانت مساكن الأمراء المصريين بكل ناحية وخصوصا بركة الفيل وجهة الحبانية فهو مستمر حتى بقيت خرابا ودعائم قائمة وكيمان هائلة واختلطت بها الطرق وأصبحت موحشة ولا مارى بها حتى لليوم بعد أن كانت مراتع غزلان فكنت كلما رأيتها اتذكر قول القائل:

هذي منازل اقوام عهدتهم ... في خفض عيش نعيم ما له خطر

صاحت بهم نوب الأيام فارتحلوا ... إلى القبور فلا عين ولا أثر

وكذلك بولاق كانت منتزه الرفاق فإنه تسلط عليها سليمان اغا السلحدار وإسمعيل باشا في الهدم وأخذ انقاض الابنية ببر انبابه والجزيزة الوسطى بين انبابة وبولاق فإن سليمان إنما أنشأ ستانا كبير بين إبنابة وسوره وبنى به قصراوسواقي وأخذ يهدم ابنية بولاق من الوكائل والدور وينقل احجارها وانقاضها في المراكب ليلا ونهارا إلى البر الاخر وإسماعيل باشا كذلك انشا بستانا وقصرا بالجزيرة وشرع أيضا في اتساع سرايته ومحل

<<  <  ج: ص:  >  >>