الكاتب بتقييده وتحريره وضبطه على الملتزم وسطر بذلك دفترا وأرسله إلى الديوان ليخصم على الملتزمين من فائظهم المحرر لهم بالديوان فيتفق أن المحرر عليه يزيد على القدر المطلوب له فيطالب بالباقي أو يخصم عليه من السنة القابلة.
ومنها التحجير على القصب الفارسي فلا يتمكن أحد من شراء شئ منه ولو قصبة واحدة إلا بمرسوم من كتخدا بك فمن احتاج منه في عمارة أو شباك أو لدوارت الحرير أو اقصاب الدخان أخذ فرمانا بقدر احتياجه واحتاج إلى وسائط ومعالجات واحتجاجات حتى يظفر بمطلوبه.
ومنها وهي من محاسن الافعال أن الباشا اعمل همته في اعادة السد الاعظم الممتد الموصل إلى الاسكندرية وقد كان اتسع أمره وتخرب من مدة سنين وزحف منه ماء البحر المالح واتلف أراضي كثيرة وخربت منه قرى ومزارع وتعطلت بسببه الطرق والمسالك وعجزت الدول في أمره ولم يزل يتزايد في التهور وزحف المياه المالحة على الأراضي حتى وصلت إلى خليج الاشرفية التي يمتلئ منها صهاريج الثغر فكانوا يجسرون عليه بالاتربة والطين فلما اعتنى الباشا بتعمير الاسكندرية وتشييد اركانها وابراجها وتحصينها ولم تزل بها العمارات اعتنى أيضا بأمر الجسر وأرسل إليه المباشرين والقومة والرجال والفعلة والنجارين والبنائين والمسأمير والات الحديد والاحجار والمؤن والاخشاب العظيمة والسهوم والبراطيم حتى تممه وكان له مندوحة لم تكن لغيره من ملوك هذه الأزمان فلو وفقه الله لشئ من العدالة على ما فيه من العزم والرياسة والشهامة والتدبير والمطاولة لكان اعجوبة زمانه وفريد أوانه وأما أمر المعاملة فلم يزل حاله في التزايد حتى وصل صرف الريال الفرانسة إلى تسعة قروش وهو أربعة أمثال الريال المتعارف ولما بطل ضرب القروش من العام الماضي ضربوا بدلها انصاف قروش وارباعها وأثمانها وتصرف بالفرط والانصاف العددية لاوجود لها بأيدي الناس إلا ما قل جدا فإذا أراد إنسان منها دفع في أبدالها