وسرعة استعداد الخصم ومدافع الابراج الداخلة لا تصيب الشلنبات الصغيرة المتسفلة وهم لا يخطؤن ثم هم في شدة الغارة والحرب إذا قيل للحاكم بأن عساكره الاتراك تركوا المحاربة واشتغلوا بنهب البلدة واحراق الدور فقط في يده واحتار في أمره ما بين قتال العدو الواصل أو قتال عسكره ومنعهم وكفهم عن النهب والاحراق والفساد وهذا شأنهم فلم يسعه إلا خفض الاعلام وطلب الأمان من الانكليز فعند ذلك ابطلوا الحرب وكفوا عن الضراب وترددوا في الصلح على شرائطهم التي منها تسليم بواقي الأسرى واسترداد المال الذي سلموه في الفداء السابق حالا من غير مهلة فكان ذلك وتسلموا الأسرى وفيهم من كان صغيرا واسلم وقرا القرآن واتفقوا على المتاركة والمهلة زمنا مقداره ستة اشهر ورجعوا إلى بلادهم بالظفر والأسرى والأمر لله وحده ثم أن الجزائرلية اجتهدوا في تعمير ما تهدم وتخرب من السور والابراج والجامع في الحرب وكذلك ما اخربه عساكرهم الذين هم اعدى من الاعداء واضر ما يكون على الإسلام وأهله وصارت الأخبار بذلك في الافاق وامدهم سلطان المغرب مولاي سليمان وبعث إليهم مراكب عوضا عن الذي تلف من مراكبهم فأرسل إليهم معمرين وادوات ولوازم عمارات وكذلك حاكم تونس وغيرها ومن السلطان العثماني أيضا ولم يتفق فيما نعلم لأهل الجزائر مثل هذه الحادثة الهائلة ولا اشنع منها وكانت هذه الواقعة غرة شهر شوال من السنة وهو يوم عيد الفطر وكان عيدا عليهم في غاية الشناعة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وأما من مات في هذه السنة ممن له ذكر
مات الشيخ الفهامة والنحرير العلامة الفقيه النحوي الاصولي إبراهيم البسيوني البجيرمي الشيخ الصالح المقتصد الورع الزاهد حضر جل الأشياخ المتقدمين وهو في عداد الطبقة الأولى ودرس وافاد وانتفع به الطلبة بل غالب الناس كان طارحا للتكلف متقشفا مع التواضع والانكسار