حسن أفندي المعروف بالدرويش الموصلي كما أخبر عن نفسه الذكي الالمعي والسميذع اللوذعي كان وإنسانا عجيبا في نفسه مميزا شهيرا في مصر طاف البلاد والنواحي وجال في الممالك والضواحي واطلع على عجائب المخلوقات وعرف الكثير من الالسن واللغات ويتعزى لكل قبيل ويخالط كل جيل فمرة ينتسب إلى فارس وأخرى إلى بني مكانس فكأنه المعنى بما قيل طور إيمان إذا لاقيت ذا يمن وأن رايت معديا فعدناني هذا مع فصاحة لسان وقوة جنان والمشاركة في كل فن من الرياضيات والادبيات حتى يظن سامعه أنه مجيد في ذلك الفن منفرد به وليس الأمر كذلك وإنما ذلك بقوة الفهم والحفظ ومافيه من القابلية فيستغنى بذلك عن التلقي من الأشياخ وأيضا فقد انقرض أهل الفنون فيحفظ اصطلاحات الفن واوضاع أهله ويرزه في الفاظ ينمقها ويحسنها ويذكر اسماءكتب مؤلفه وأشياخا وحكما يقل الاطلاع عليها والوصول إليها ولمعرفته باللغات خالط كل ملة حتى يظن كل أهل ملة أنه واحد منهم ويحفظ كثيرا من الشبه والمدركات العقلية والبراهين الفلسفية واهمل الواجبات الشرعية والفرائض القطعية وربما قلد كلام الملحدين وشكوك المارقين ويزلق لسانه في بعض المجالس بغلطات من ذلك ووساوس فلذلك طعن الناس عليه في الدين واخرجوه عن اعتقاد المسلمين وساءت فيه الظنون وكثر عليه الطاعنون وصرحوا بعد موته بما كانوا يخفونه في حياته لاتقاء شره وسطواته وكان له تداخل عجيب في الأعيان ومع كل أهل دولة وزمان ورؤساء الكتبة والمباشرين من الاقباط والمسلمين بالمعزة الزائدة واستجلاب الفائدة لا تمل مجالسته ولا معاشرته وباخره لما رغب الباشا في انشاء محل لمعرفة علم الحساب والهندسة والمساحة تعين المترجم رئيسا ومعلما لمن يكون متعلما بذلك المكتب وذلك أنه تداخل بتحيلاته لتعليم مماليك الباشا الكتابة والحساب ونحو ذلك ورتب له خروجا وشهرية ونجب تحت يده بعض المماليك في معرفة الحسابيات ونحوها واعجب الباشا ذلك فذاكره وحسن