بموته وكانوا ذهبوا به وهو في السفية إلى بولاق ورسوا به عند الترسخانة واقبل كتخدا بك على الباشا فرآه يبكي فانزعج انزعاجا شديدا وكاد أن يقع على الأرض ونزل السفينة فأتى بولاق آخر الليل وانطلقت الرسل لأخبار الأعيان فركبوا بأجمعهم إلى بولاق وحضر القاضي والأشياخ والسيد المحروقي ثم نصبوا تظلك ساترا على السفينة واخرجوا الناووس والدم والصديد يقطر منه وطلبوا القلاقطة لسد خروقة ومنافسه ونصبوا عودا عند رأسه ووضعوا عليه تاج الوزارة المسمى بالطلخان وانجروا بالجنازة من غير ترتيب والجميع مشاه إمامه وخلفه وليس فيها من جوقات الجنائز المعتادة كالفقهاء وأولاد الكتاتيب والاحزاب شئ من ساحل بولاق على طريق المدابغ وباب الخرق على الدرب الاحمر على التبانة إلى الرميلة فصلوا عليه بمصلى المؤمنين وذهبوا به إلى المدفن الذي اعده الباشا لنفسه ولموتاه كل هذه المسافة ووالده خلف نعشه ينظر إليه ويبكي ومع الجنازة أربعة من الحمير تحمل القروش وربعيات الذهب ودراهم انصاف عديدة ينثرون صبها على الأرض وعلى الكيمان وعن يمين الكتخدا ويساره شخصان يتنأول منهما قراطيس الفضة يفرق على من يتعرض له من الفقراء والصبيان فإذا تكاثروا عليه نثر ما بقي في يده عليهم فيشتغلون عنه بالتقاطها من الأرض فكان جملة ما فرق وبدر من الانصاف العددية فقط خمسة وعشرين كيسا عنها خمسمائة ألف فضة وذلك خلاف القروش وساقوا إمام الجنازة ستة رؤوس من الجواميس الكبار أخذ منها خدمة التربة ومن حولهم وخدمة ضريح الإمام الشافعي ولم ينل الفقراء إلا ما فضل عنهم واخرجوا لاسقاط صلاة المتوفي خمسة وأربعين كيسا تناولها فقراء الأزهر وفرقت بجامع الفاكهاني بحسب الاغراض للغني منهم اضعاف قسم الفقير وأكثر الفقراء من الفقهاء لم ينالوا ولا القليل ولما وصلوا إلى المدفن هدموا التربة وانزلوه فيها بتابوته الخشب لتعسر اخراجه منه بسبب انتفاخه وتهربه حتى أنهم كانوا يطلقون حول تابوته